الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4535 [ ص: 563 ] باب في فضل عبد الله بن سلام، رضي الله عنه

                                                                                                                              وقال النووي: (باب من فضائل عبد الله بن سلام).

                                                                                                                              التعريف بعبد الله بن سلام

                                                                                                                              قلت: "سلام" بتخفيف اللام -ابن الحارث- الإسرائيلي، ثم الأنصاري، كان حليفا لهم من "بني قينقاع". وهو من ولد "يوسف بن يعقوب" عليهما السلام. وكان اسمه في الجاهلية: "الحصين". فسماه النبي، صلى الله عليه وآله وسلم -حين أسلم-: "عبد الله". وكان إسلامه لما قدم النبي، صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، مهاجرا.

                                                                                                                              وفي الترمذي: "أن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "إنه عاشر عشرة في الجنة".

                                                                                                                              (وفاته)

                                                                                                                              وتوفي "عبد الله": سنة ثلاث وأربعين، "رضي الله عنه".

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي، ص 41 ج 16، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن عامر بن سعد، قال: سمعت أبي يقول: ما سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول لحي يمشي: "إنه في الجنة" إلا لعبد الله بن سلام) .

                                                                                                                              [ ص: 564 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 564 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن عامر بن سعد، قال: سمعت أبي) يعني: "سعد بن أبي وقاص" أحد العشرة المبشرة بالجنة (يقول: ما سمعت رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، يقول لحي يمشي) على الأرض -الآن- بعد موت العشرة المبشرة، الذين منهم "سعد بن أبي وقاص": ("إنه في الجنة" إلا لعبد الله بن سلام).

                                                                                                                              قال النووي: قد ثبت أن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "أبو بكر في الجنة" و"عمر في الجنة" و"عثمان في الجنة" و"علي في الجنة" إلى آخر العشرة.

                                                                                                                              وثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بأن الحسن والحسين: سيدا "شباب أهل الجنة" وأن "عكاشة" منهم، وثابت بن قيس، وغيرهم. وليس هذا مخالفا لقول سعد؛ فإن "سعدا" قال: ما سمعته. ولم ينف "أصل الإخبار بالجنة" لغيره. ولو نفاه كان الإثبات مقدما عليه.

                                                                                                                              قال القسطلاني: استشكل بأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لجماعة: "إنهم من أهل الجنة" غير "ابن سلام". ويبعد أن لا يطلع سعد على ذلك. وما أجيب به بأنه كره تزكية نفسه؛ لأنه أحد المبشرين بذلك متعقب بأنه لا يستلزم أن ينفي سماعه مثل ذلك، في حق غيره. وما سبق من التقدير: (بالآن بعد موت العشرة إلخ) مما [ ص: 565 ] أجاب به في الفتح، وأيده برواية الدارقطني، من طريق "إسحاق بن الطباع" عن مالك (ما سمعت النبي، صلى الله عليه وآله وسلم؛ يقول لحي يمشي: "إنه من أهل الجنة") وبما عنده من طريق "عاصم بن مهجع" عن مالك، "لرجل حي": ينفي الإشكال، لكنه يعكر عليه ما عنده، من طريق ثالث، بلفظ: "سمعت النبي، صلى الله عليه وآله وسلم؛ يقول: لا أقول لأحد من الأحياء: إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام" -وبلغني: أنه قال- "وسلمان الفارسي".

                                                                                                                              لكن قال الحافظ "ابن حجر": إن هذا السياق منكر. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية