الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن قال لزوجتيه: إحداكما طالق، وهو ينوي إحداهما أو لا نية له

                                                                                                                                                                                        ومن قال لزوجتيه إحداكن طالق، وقال: نويت هذه- صدق. واختلف في يمينه هل يحلف أنه نواها، ولا أرى أن يحلف إذا نسق قوله، وإن لم يكن نسقا، وكانت منازعته معها، فإن قال: نويت الشابة أو الحسنة منهما، أو من يعلم منه الميل إليها- لم يحلف، وإن قال: نويت الأخرى حلف. إلا أن تكون المنازعة معها، فلا يحلف. وإن لم تكن عليه بينة لم يحلف على حال. وإن نوى واحدة ثم أنسيها - حرمتا عليه. فإن كان الطلاق رجعيا فارتجعا في العدة ونوى بالرجعة المطلقة- حلتا جميعا. وإن لم يرتجع حتى انقضت العدة لم تحلا إلا أن يستأنف النكاح لهما. وإن كان الطلاق ثلاثا لم تحلا إلا بعد زوج، ولا يوجب نفس التحريم طلاقا. وإن انقضت العدة ينوى الطلاق الأول إلا في واحدة، والأخرى في العصمة إلا أن يقوما بحقهما في الوطء. ويختلف هل يطلق عليه إذا قامتا، إذ لا فائدة في الصبر، أو يتربص حتى ينقضي أجل الإيلاء، رجاء أن تصبر بعد أو يحدث لها رأي، والصبر ها هنا أحسن; لأنه يرجو أن يتذكر، فإن هو طلق ونوى التي لم يكن طلق- حلتا للأزواج، وإلا [ ص: 2629 ] طلق عليه السلطان ونوي التي لم يكن طلق، ولو رضيت واحدة بالمقام كان للأخرى القيام; لأنها تقول: إن كنت المطلقة فلا حق له علي، وإن كنت التي لم تطلق فلي حق في الإصابة، فإذا حيل بينه وبين ذلك كان إمساكي ضررا علي من غير منفعة له، وإن مات قبل أن تقوما- ورثاه الربع، إن لم يكن له ولد، والثمن إن كان له ولد؛ لأنه مات عن زوجة بيقين، ثم يقسمان ذلك بينهما بالسواء، وإن لم يكن دخل- كان عليه صداق ونصف يقتسمانه جميعا، وإن ماتا قبله لم يرثهما على أحد القولين; لأنه في مال كل واحدة يجب على شك أن يتناول منه شيئا هل له فيها أم لا؟ وقيل: يرث من كل واحدة نصف ميراثه، وإن ماتت إحداهما قبله والأخرى بعده- كان له من التي ماتت قبله نصف ميراثه على أحد القولين، وعلى القول الآخر لا شيء له، وكذلك التي بقيت بعده يختلف هل ترث منه نصف ميراثها أم لا؟ لأنه يمكن أن تكون هي المطلقة، وليس هذا بمنزلة إذا مات عنهما; لأنه مات عن زوجة بيقين، وإنما التنازع بينهما، والعدة إذا طلقتا من يوم يحكم بالطلاق، وكذلك إذا قامت إحداهما أن عدتها من يوم يطلق، لإمكان أن تكون هي التي لم يتقدم فيها طلاق وإن مات عنهما اعتدت كل واحدة أربعة أشهر وعشرا; لأن كل واحدة تشك هل هي زوجة، إلا أن يكون الموت عقيب الطلاق الأول وقبل أن يحكم عليه بالطلاق، فتعتد كل واحدة أقصى العدتين، وإن كان الطلاق ثلاثا، وإن [ ص: 2630 ] كان رجعيا فأربعة أشهر وعشرا، وإن ادعى الزوج أنه تذكر في التي طلق صدق، وسواء قال ذلك في العدة أو بعد انقضائها، وكل من ادعى النسيان والشك قبل قوله، إذا قال: تذكرت، وإن قال ذلك بعد موت إحداهما، فإن ادعى أن الحية هي التي لم تطلق صدق، وإن ادعى أنه طلق الحية ليرث الميتة لم يصدق.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية