الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في وجوه إيقاع الطلاق بعد التخيير]

                                                                                                                                                                                        وإيقاعها الطلاق على وجوه، فإن قالت: اخترت نفسي كان طلاقا يقتضي البينونة دون العدد، وقد تقدم ذلك.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قالت: قبلت نفسي، فجعله مالك بمنزلة اخترت نفسي.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في كتاب محمد: هو بمنزلة قولها: قبلت أمري، والأول أصوب، وقبول النفس واختيار النفس سواء. وقال ابن القاسم: إذا قال: اختاري نفسك فقالت: قد قبلت أو رضيت أو تمنيت يثبته أو فعلت، تسأل بمنزلتها إذا قالت: قد قبلت نفسي، وكذلك إذا قالت: اخترت، تسأل ما أرادت.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن عبد الحكم في مختصر ما ليس في المختصر: إذا قالت: قد فعلت هي ثلاث ولا تسأل، وعلى قوله إذا قالت: قد شئت أو قد اخترت أنها ثلاث ولا تسأل، وهو أحسن. وقولها فعلت واخترت وشئت: جواب لامتثال ما جعل لها، وليس كقولها رضيت; لأن مفهوم رضيت لقبول ما جعل لها، إلا أن تقول: رضيت فاخترت نفسي.

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب محمد: إذا قالت: تركتك أو اخرج عني أو لا تدخل علي إلا [ ص: 2719 ] بإذني، قال: هذا كله مما يشبه أن تريد به الفراق أو قبول التمليك، فلا بد أن تسأل.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: أما قولها: تركتك، فهو فراق ولا تسأل هل أرادت الفراق؟ وتسأل عما أرادت من عدد الطلاق.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد فيمن قال لامرأته: أتحبين أن أفارقك؟ فقالت: ما شئت، فقال: قد شئت، ثم قال: إنما شئت أن أحبسك، قال: هو فراق، ويحلف ما أراد إلا واحدة. وإن قال: أمرك في يدك فاذهبي، فقالت: قد ذهبت، قال: هو جواب فراق، ولو قيل: فاذهبي فقالت: قد ذهبت، لكانت تسأل عما أرادت، ولكن قوله: فاذهبي فقالت: قد ذهبت، جواب فراق.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: تسأل عما أرادت وهو أشبه؛ لأن معنى قوله فاذهبي فانظري في ذلك، وقولها قد ذهبت طبقا لقوله، ولو كان قوله فاذهبي طلاقا، لكان الطلاق قد وقع منه واستغني عن قولها.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية