الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في ما يمنع من الإقالة في السلم]

                                                                                                                                                                                        حوالة الأسواق في رأس المال إذا كان رأس المال ثوبا أو عبدا لا يمنع الإقالة، وإن تغير في نفسه بزيادة أو نقص، لم يجز.

                                                                                                                                                                                        والسمانة بعد الهزال والهزال بعد السمانة في الدواب فوت يمنع الإقالة، واختلف في مثل ذلك في الجواري، فلم يره في المدونة فوتا .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب: الهزال البين بعد السمانة، والسمانة البينة بعد الهزال البين في الجواري فوت، إذا ظهر على عيب يوجب له الرجوع بقيمة العيب . [ ص: 3035 ]

                                                                                                                                                                                        فعلى هذا يكون ها هنا فوتا ويمنع الإقالة.

                                                                                                                                                                                        وأرى أن ينظر إلى ما يقوله أهل المعرفة بقيمة الرقيق، فإن قالوا: إنما انتقل إليه من سمن أو هزال ينتقل ثمنه لم تجز الإقالة، وإن لم ينقل ثمنه لم تمنع الإقالة.

                                                                                                                                                                                        واختلف في الحيوان إذا طالت مدته الشهرين والثلاثة: فقال ها هنا: ليس بفوت .

                                                                                                                                                                                        وقال في كتاب البيوع الفاسدة: ذلك فوت وحمله على التغيير .

                                                                                                                                                                                        والأول أحسن; لأنه يصح أن تمضي له مثل هذه المدة ولا يتغير، فكان حمله على ما كان عليه حتى يعلم غيره أو لا.

                                                                                                                                                                                        واختلف في من أسلم عشرة دنانير في طعام، ثم زاد المسلم المسلم إليه دينارا، ثم ولي ذلك الطعام، فقال محمد مرة: يوليه على أحد عشر دينارا، ومرة قال: لا تجوز فيه تولية بحال .

                                                                                                                                                                                        والأول أحسن; لأن الدينار ألحقه بالثمن، ولو كان ذلك في سلعة ثم استحقت لرجع بأحد عشر.

                                                                                                                                                                                        وقال في من أسلم في طعام بحميل أو رهن فولاه رجلا على إن أسقط الحمالة، لم يجز، وإن أسقط ذلك قبل ثم ولاه، جاز، إذا تبين أنه أسقط ذلك عن بائعه . [ ص: 3036 ]

                                                                                                                                                                                        بخلاف الزيادة إذا أسقطت; لأن الثمن ها هنا على حاله، وإنما أسقط ما كان من التوثق وليس ذلك بثمن.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في كتاب محمد في من أسلم في أصناف تمر: فلا بأس أن يولي صنفا منها بما ينوبه . ويجوز على قوله الإقالة والشرك في كل صنف بما ينوبه.

                                                                                                                                                                                        وأجاز في المجموعة لمن أسلم في طعام: قمح وشعير وعدس أن يولي صنفا منها بما ينوبه .

                                                                                                                                                                                        واختلف في من أسلم ثوبين في طعام فأقال من أحدهما بما ينوبه:

                                                                                                                                                                                        فأجازه ابن القاسم في العتبية .

                                                                                                                                                                                        ومنعه سحنون في المجموعة، وقال: أخاف أن يكون بيع الطعام قبل قبضه; لأن الغلط يدخل في التقويم ، وقد كره ابن القاسم بيع أحدهما مرابحة إذا اشتريا في صفقة واحدة .

                                                                                                                                                                                        فعلى هذا لا تجوز الإقالة ولا التولية في أحد أصناف الطعام.

                                                                                                                                                                                        وإن أقال من نصف الطعام جاز قولا واحدا، ويسقط من السلم من كل صنف نصفه، ويكون كل ثوب بينهما نصفين، بخلاف الإقالة على أحد الثوبين.

                                                                                                                                                                                        وأجاز مالك لمن أسلم عبدا أو ثوبا في طعام أن يقيل من نصفه، وليس [ ص: 3037 ] بالبين; لأن الشرك عيب.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية