الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في مسائل في السلم والإقالة منه والتولية]

                                                                                                                                                                                        وقال مالك: إن أسلم رجلان إلى رجل في طعام، جاز لأحدهما أن يقيل من نصيبه، أو يوليه، قال: وليس للشريك على شريكه في ذلك حجة، وإنما الحجة فيما بين الشريك والبائع .

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون: لا يجوز إلا بإذن شريكه في ذلك ; لأنه لا يجوز أن يتقاضى دون شريكه . والأول أحسن; لأن الشركة تضمنت عنده ألا يقتضي أحدهما دون الآخر، ولم يتضمن ألا يقيل; لأنها حل بيع.

                                                                                                                                                                                        وأجاز التولية ولم ير للشريك حجة في ذلك.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك : إذا باع أحد الشريكين كان لشريكه أن يدخل في الثمن .

                                                                                                                                                                                        والأول أحسن; لأنه إنما باع نصيبا شائعا هو له.

                                                                                                                                                                                        وإن أسلم رجل إلى رجلين جاز أن يقيل أحدهما، إلا أن يكون أحدهما [ ص: 3038 ] حميلا بما على صاحبه، وله أن يولي وإن كان حميلين.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في المجموعة في من أسلم إلى رجل في طعام فولى نصفه، جاز لكل واحد منهما أن يقيل من جميع نصفه لا من بعضه، أو يقيلاه، قال: وإن أسلم رجلان إلى رجل فولى أحدهما رجلين أو وهبهما أو ورثاه، جاز لكل واحد أن يقيل البائع من جميع ما صار له لا من بعضه، أو يقيلاه .

                                                                                                                                                                                        والقياس في هذين الموضعين الجواز; لأن المولي لم يكن بينه وبين المسلم إليه معاملة، وقد حمله على البراءة من التهمة; لأنه أجاز أن يقيله من جميع نصيبه، فلو حملهما على التهمة، لم تجز الإقالة; لأن المسلم إليه قبض دينارين ثم رد أحدهما بعد أن انتفع به، فإذا جاز أن يرد دينارا جاز أن يرد نصف دينار، وكذلك إذا أسلم رجلان إلى رجل فولى أحدهما من بعض نصيبه فينبغي أن يكون جائزا، ولو كانت الإقالة من البعض بين الأول والثاني لم يصح; لأنه دفع شيئا ثم استرجع بعضه.

                                                                                                                                                                                        وإن أسلم رجل إلى رجل في طعام ثم مات المسلم، جاز على قوله إقالة بعض الورثة من جميع نصيبه لا من بعضه.

                                                                                                                                                                                        والقياس أن تجوز إقالة الوارث من البعض; لأن التهمة في بيع وسلف فيما بين المسلم إليه والميت دون ورثته، ولو كان ورثته في ذلك بمثابته، لم يجز أن يقيل أحد الورثة من جميع نصيبه. [ ص: 3039 ]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب محمد: إن حل الأجل ثم قبض المسلم بعض الطعام، لم يجز أن يولي ما قبض وما لم يقبض، ولا مما يقبض وحده.

                                                                                                                                                                                        وأجاز في العتبية التولية مما لم يقبض، وقاله ابن حبيب .

                                                                                                                                                                                        وهو أصوب ولا وجه للمنع; لأنه موصوف مضمون في الذمة، فالذي ينوب المقبوض والباقي سواء، وكذلك الشريك إن أشرك فيما قبض، وما لم يقبض، لم يجز.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا أشرك فيما لم يقبض وحده، ولا يصلح أن يقيل مما قبض ويدخله بيع وسلف، إلا أن يكون رأس المال شيئا معينا، ولا يصلح أن يقيل من الجميع مما قبض ومما لم يقبض.

                                                                                                                                                                                        قال مالك: إلا أن يكون المقبوض يسيرا كالخمسة والعشرة من المائة .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية