الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في موت المهدي قبل إهدائه هل تصير هديته ميراثا؟]

                                                                                                                                                                                        وقال مالك فيما يشتري الناس في حجهم من الهدايا لأهليهم ثم يموت قبل أن يصل : فإن كان أشهد على ذلك كانت لمن اشتريت له، وإن لم يشهد فهي ميراث ، وقال في كتاب محمد: فيمن تصدق على ابنته أو امرأته، وهو في سفر بعيد والعبد في يديه على وجه الاختدام ثم مات قبل أن يقدم، قال: إن أشهد من يعلم أنهم يبلغونها فذلك جائز، وإن أشهد من لا يعرف المرأة ولا الولد فلا أدري ما هذا .

                                                                                                                                                                                        فأمضى الصدقة للزوجة مع عدم القبض لما لم تكن له تهمة في ترك القبض ولم يكن من المتصدق عليه في ذلك تفريط، واستخف استخدام العبد لما كان باقيا في نفقته حتى يصل، وعلى قوله إن من شرطها القبض لا تصح للزوجة، وتصح للابنة إن كانت بكرا أو ثيبا في ولاية.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في الضحايا يشتريها الرجل ثم يموت قبل أن تذبح، قال: إن كان أشهد في شيء منها أنها لأهله فهي له من رأس المال، وإلا فهي ميراث، وأما أضحية نفسه فهي ميراث وإن أشهد; لأنه لا يضحى عن ميت، وإن مات بعد أن ذبح أضحيته أو عقيقته لم تبع لدين ولا لغيره، وأما الهدي فإن مات بعد [ ص: 3472 ] أن قلد فهو مثل الأضحية بعد الذبح .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك فيمن بعث بهدية أو صلة لرجل فمات الباعث أو المبعوث إليه قبل أن تصل : رجعت إلى الباعث أو لورثته .

                                                                                                                                                                                        قال ابن نافع: لأن صاحبها كان فيها بالخيار.

                                                                                                                                                                                        قال مالك: وإن كان أشهد على إنفاذها حين بعثها فهي نافذة، مات الباعث أو المبعوث إليه ، وقال عبد الملك في ثمانية أبي زيد: إن قبضها على وجه الرسالة فلا شيء للمعطى فيها مات المعطي أو المعطى، وإن قبضها على وجه الحيازة للغائب فذلك حوز له.

                                                                                                                                                                                        ومن تصدق على غائب وجعلها على يدي غيره ثم مات المعطي، فإن قال له: لا تعطه إياها حتى آمرك -كانت ساقطة، وإن قال: حتى أموت- كانت من الثلث، وإن قال: وصلها إليه، وأشهد له بها، وقال خذها له- مضت من رأس المال، وإن لم يقل خذها عني كانت على الخلاف المتقدم، وإن علم المتصدق عليه، فقال: اتركها عندك- مضت له من رأس المال، واختلف إذا لم يأمر المتصدق بدفعها ولا بحبسها- فقال: ها هنا هي ماضية ، وقال بعد ذلك: هي ساقطة. [ ص: 3473 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية