الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في هبة المجهول والغرر

                                                                                                                                                                                        هبة المجهول والصدقة به ماضية ، ويستحب ألا يفعل إلا بعد المعرفة بقدره وصفته خوف الندم بعد معرفته به ، فكره مالك في كتاب محمد أن يقول الرجل للرجل : اشتر هذا الفرس وأحملك عليه . ولا يدري كم يبلغ من الثمن ، حتى يوقتا له وقتا .

                                                                                                                                                                                        واختلف إن هو فعل ثم تبين أنه على خلاف ما كان يظن ، فقال ابن القاسم في العتبية في من تصدق بميراثه من رجل ثم تبين أنه خلاف ذلك إن له أن يرد عطيته ، وكذلك في كتاب ابن حبيب له رد عطيته . وقال محمد بن عبد الحكم : لا رجوع له .

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يكون له في ذلك مقال ، فيرد الجميع تارة والبعض تارة من غير شرك ، وتارة يكون شريكا ، فإن كان الوارث يرى أن الموروث دارا [ ص: 3490 ] يعرفها في ملكه فأبدلها الميت في غيبته بأفضل كان له أن يرد جميع العطية إذا قال : كان قصدي تلك الدار .

                                                                                                                                                                                        وإن خلف مالا حاضرا ثم طرأ له مال لم يعلم به مضت العطية فيما علم خاصة ، وإن كان جميع ماله حاضرا وكان يرى أن قدره كذا فتبين أنه أكثر كان شريكا بالزائد .

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة قال ابن القاسم فيمن قال : وهبتك نصيبا من داري ، فليقر بما شاء مما يكون نصيبا .

                                                                                                                                                                                        وهذا صحيح على مراعاة الألفاظ ، وأما على مراعاة المقاصد فإن أقر بما لا يشبه أن يهبه مثله لمثله لم يصدق ويعد نادما ، فإن رجع إلى ما يشبه وإلا أعطاه الحاكم ما يشبه ، وهذا مع دعوى المعطي النية ; فإن لم تكن له نية أعطي ما يشبه أن يعطيه لمثله .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية