الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الرجوع عن الشهادة في التدبير]

                                                                                                                                                                                        ولو شهد أنه دبر عبده ثم رجعا بعد الحكم ، غرما قيمته وقت الحكم بشهادتهما .

                                                                                                                                                                                        قال محمد : ثم خير السيد في الخدمة ، فإن شاء أسلمها إلى الشاهدين بحسبانها فيما غرما ، فإن استوفيا في حياة السيد رجع إلى سيده مدبرا ، وإن شاء السيد كان أولى بخدمته ودفع إليهما قيمة الخدمة ، فإن مات السيد وهو في الخدمة التي صارت لهما قبل أن يستوفيا ما غرما من قيمته وحمله الثلث كان حرا ولم يكن لهما غير ما صار إليهما من أجرة خدمته ، وإن لم يخرج من الثلث كان للشاهدين ما رق منه حتى يستوفيا ما غرما من قيمته ، فإن فضل بعدها شيء كان للورثة ولم يربح الشاهدان شيئا . [ ص: 3888 ]

                                                                                                                                                                                        وعلى قوله إذا كان على الميت دين يغترق المدبر بيع وكان للشاهدين من ثمنه ما كانا غرماه ، ويكون الفضل للغرماء ، وكل هذا على قوله إنه لا يربح المتعدي ، وعلى القول الآخر يكون للشاهدين جميع الخدمة بفضلها .

                                                                                                                                                                                        وإن مات السيد وعليه دين يغترقه كان جميع العبد لهما بفضله ولا يباع ، وإن لم يكن عليه دين ولم يخلف مالا سواه كان لهما ثلثان بفضله ، ولا مقال للورثة فيه إن كان فيه فضل .

                                                                                                                                                                                        وإن أفاد المدبر مالا أو مات العبد وخلف مالا أو قتل وأخذت قيمته كان للشاهدين من ذلك تمام ما غرماه والفضل للسيد ، وعلى القول الآخر يكون جميع ذلك بفضله للشاهدين دون السيد ، وإن كان الشاهدان معدمين بيع من الخدمة ما يجوز أن يباع بالنقد وذلك السنة والسنتان ، فإذا انقضت تلك المدة بيع لهما أيضا مثل ذلك حتى يستوفى .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن عبد الحكم إذا كان الشاهدان معدمين ضمنا فضل ما [ ص: 3889 ] بين قيمته عبدا أو قيمته مدبرا أن لو جاز بيعه ، قال : ولو قال قائل يقضى على الشاهدين بما نقص التدبير من قيمته موسرين كان أو معسرين لم أعبه ، وهو أقوى في النظر من القول الأول .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - النظر أن يغرما قيمته كلها; لأنهما بشهادتهما منعاه من بيعه ، ومن أين يأخذ تلك القيمة إذا أحب البيع؟

                                                                                                                                                                                        قال سحنون في كتاب ابنه : لو شهدا بتدبير جارية ليست ممن يخارج كما نهى عمر - رضي الله عنه - أن يكلف الأمة غير ذات الصنعة الكسب فتكسب بفرجها ، فإن الشاهدين يؤديان القيمة ، وتعتق إذا لم يبق فيها ما يستوفيان منه ما وديا إلا أن يشاءا أن ينفقا عليها إلا أن يدركا شيئا من رقها بموت السيد لعجز الثلث أو لدين يحدث ، فإن فعلا بيع لها فيما وديا وما أنفقا ولا يكون لها في الفضل . [ ص: 3890 ]

                                                                                                                                                                                        قال وإن أسلم المدبر إلى الشاهدين يختدمانه فيما غرما ثم أعتقه سيده مضى عتقه ولم يرده ثم ينظر إلى الباقي فإن بقي لهما نصف ما غرماه غرمه لهما وإن بقي ثلث غرمه .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية