الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن اكترى إبلا ليبعثها ثانية بشيء من بلد آخر]

                                                                                                                                                                                        ومن اكترى إبلا ليبعثها ثانية بشيء من بلد آخر فمضى الجمال بالإبل، فلم يجد ذلك الشيء لأنه بعث إلى صاحبه إن بيع أو تلف- أكريت في مثله، والمتولي لذلك وكيل الغائب أو السلطان أو الجماعة عند عدم السلطان.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: فإن لم يكن سلطان طلب المكري وتلوم وأشهد، فإذا فعل ذلك، ولم يأت الوكيل، ولم يجد كراء ورجع- كان له الكراء كاملا، ورأى أن الإشهاد يجري وإن لم تنظر الجماعة في ذلك.

                                                                                                                                                                                        وإن كان سلطان لا يقدر على الوصول إليه كان كالعدم. وإن كان قادرا على الدخول إليه، ورجع ولم يفعل وعلم أن الكراء على مثل الأول معدوم بأمر لا شك فيه- كان له كراؤه ولم يلزم الرجوع.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان موجودا، فروى ابن وهب عن مالك أنه قال: لا شيء له. وقال ابن القاسم: عليه أن يرجع ثانية. وهو أحسن; لأنه باع منافعه [ ص: 5216 ] فمنعه من الوفاء بها. ومحمل قول مالك ألا شيء له في الماضي، ولم يكلم على الرجوع به.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب: إن أكرى لنفسه عند القدرة على السلطان، كان المكتري بالخيار، بين أن يسلم ذلك له ويرجع ثانية، وبين أن يأخذ ما أكري به. وإن كان نقصان فعلى المكتري إن أجاز، وإن كان فضل كان للمكري، وسواء أكرى لنفسه أو للمكتري.

                                                                                                                                                                                        وكل موضع يكري فيه على الغالب، فإن لم يكن انتقد وكان الكراء الأول بالنقد أكريت الآن بالنقد ليقضي الأول دينه وإن كان الأول مؤجلا أكريت الآن إلى مثل ذلك الأجل; لأنه أثمن وفيه حسن نظر للغائب، وإن كان الأول انتقد، أكريت الآن على ما يرى أنه حسن نظر للغائب بالنقد، أو ليقبض عند آخر المنافع.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية