الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في العامل يشترط عليه أن يتجر في صنف بعينه أو يجلس في موضع بعينه

                                                                                                                                                                                        قال: ويجوز لصاحب المال أن يشترط على العامل أن يتجر في صنف بعينه إذا كان لا يتعذر التجر فيه، وقال مالك في "المدونة": إذا اشترط عليه أن يتجر في البز، جاز إذا كان موجودا في الشتاء والصيف. ولا أدري كيف هذا والقراض ليس يحتاج أن يعمل فيه سنة، فإن كان غير مدير جاز على نضة واحدة، وإن كان مديرا لم يحمل على أول ما بيع من ذلك، وليس ذلك القصد والشأن أن يبيع له ويشتري وأن يكرر ذلك حتى ينهاه، ولو نهاه بعدما شغل جميع المال أول مرة كان ذلك على أحد القولين فيما لا غاية له كالكراء مشاهرة.

                                                                                                                                                                                        وعلى القول الآخر لا ينتزعه حينئذ; لأن عليه فيه ضررا. وإن سافر بالقراض، ثم قدم فنض المال لم يشغله في شيء يرجع به إلا بإذن صاحب المال وهذا الشأن.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا اشترط أن يشتري شيئا فيكري أو يزرع به، فمنع ذلك مالك في "المدونة" وقال: إن عمل رد إلى إجارة مثله. وقال ابن شعبان: اختلف [ ص: 5281 ] إذا اشترط أن يزرع به فأجيز وكره.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رضي الله عنه-: وأرى أن يمضي إذا عمل به ولا يجري على أحكام الفاسد، فإن زرع به من غير شرط جاز، وإن خسر؛ لأنه لم يتم أو لأن سعره صلح لم يكن عليه شيء، وإن كان ذلك لظلم أحدثه أحد ولم يتقدم له عادة لم يكن عليه شيء، وإن كان متقدما وهو عالم به ضمن، وسواء كانت الخسارة من سبب الزرع أو من سبب الظلم لأنه متعد في أصل فعله، والثمن في ذمته في أول ما زرع به.

                                                                                                                                                                                        وإن عمل به مساقاة بشرط، كان على الخلاف، وإن علم به بغير شرط جاز حسبما تقدم في الزرع. وإن أخذه على ألا يتجر إلا في البز فتجر في غيره، فإن خسر ضمن، وإن ربح كان على القراض، والقياس أن يكون له الأقل من ثلث المسمى أو قراض المثل أو إجارة المثل، وقد تقدم ذلك.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك: لا يجوز أن يشترط على العامل أن يجلس في حانوت بعينه، فإن فعل كان أجيرا، وكذلك إذا شرط قيسارية بعينها إلا أن تكون كبيرة لا يتعذر جلوسه فيها. [ ص: 5282 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية