الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في وقت الابتلاء]

                                                                                                                                                                                        واختلف في وقت الابتلاء لمن كان في ولاء فقال مالك في كتاب محمد : لا تجوز أفعاله حتى يكشف بعد البلوغ عن أمره . وقال أبو جعفر الأبهري وغيره من البغداديين: هو ما كان قبل البلوغ لا يحتاج إلى غيره وهو أبين؛ لقول الله تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم الآية، فجعل الابتلاء قبل البلوغ، وقوله: فإن آنستم منهم رشدا يريد بذلك الابتلاء لا بغيره، والفاء في قوله: فإن آنستم للشرط لا للتعقيب.

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يبتلى بشيء من ماله يدفع إليه ليختبر به. فالظاهر من قول مالك المنع؛ لأنه قال إذا فعل ذلك الولي فلحقه دين لم يلحق ذلك الدين في المال الذي [ ص: 5591 ] في يديه، ولا في يد وصيه ، وأجاز ذلك غيره، وقال: يلحقه الدين في المال الذي في يديه ، وقال القاضي أبو محمد عبد الوهاب لولي المحجور عليه بالسفه أو الصغير أن يأذن له في قدر من ماله بعينه يختبر به ، يريد: الصغير الذي قارب البلوغ إذا رأى منه دليل الرشد، فمن جعل إخراجه إلى الولي اكتفى بعلمه في ذلك، وإن دفعه إلى الحاكم لم يكتف بقول وليه دون أن يشهد عنده البينة بذلك.

                                                                                                                                                                                        واختلف في الشهادة فقال : إذا شهد عنده شاهدان أجزأه .

                                                                                                                                                                                        وقال أصبغ: لا يكتفى بذلك بشهادة شاهدين فيه ولا في البكر إلا أن يكون مع ذلك أمر فاش ، وقوله في الذكران صواب لأن حالهم لا يخفى ، وليس مما يطلع عليه سوى اثنين فوقوف من سواهما عن ذلك ريبة، وأما الإناث فحالهن غير مشهور، ولا يكاد يعرفه غير الأقارب، وبعض الجيران، فلا يطلب منهن ما يطلب من الذكران.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية