الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن له نخلة في أرض غيره فسقطت هل يجعل غيرها مكانها أو خرج في أرضه عرق من شجرة غيره أو عين لغيره

                                                                                                                                                                                        وقال مالك فيمن له نخلة في أرض غيره فقلبتها الريح له أن يغرس مكانها أخرى .

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم: وله أن يغرس غير النخل، إذا كان لا يضر بالأرض ولا يكون أكثر انتشارا ، يريد: أن يعمل مكان الأولى ما لا يضر بباطن الأرض مما يكون عروقه أكثر انتشارا أو أقوى من الأولى، فيهلك ما يجاوره ولا يضر في أعلاها مما تكون فروعها أكثر فيستر المشمس من الأرض فتضعف منفعتها.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في العتبية في رجل تفقأت الأرض من جنانه عن عروق من شجر في جنان غيره. قال: إن كانت فيه منفعة إن قلع كان لمن هو من شجرته أن يقلعه ويغرسه في مكان آخر، وإن لم تكن له فيه منفعة ولا عليه فيه مضرة بقي لصاحب الأرض إلا أن يكون لو قلع له ثمن الخشبة أو الحطب فيأخذ قيمته مقلوعا .

                                                                                                                                                                                        وقال عيسى: وإن كان إقراره بحاله مضرا بأصل الشجر التي هو منها لم يكن له أن يضره إلا برضا صاحب الشجرة . [ ص: 5930 ]

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: فإن لم يرض وكان إن قطع في الأرض ما بين الفرع والشجرة التي هو منها، ثبت قطع ما بينهما وأعطى قدر قيمته مقلوعا، وإن كانت لا تثبت قطع وأخذه صاحبه.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن له نهر يصر في أرض غيره، قال: لصاحب الأرض أن يغرس في حافتي النهر شجرا وليس للآخر منعه من ذلك، فإن غرس فاحتاج النهر إلى الكنس طرح الطين على حافتي النهر فإن لم يقدر إلا على طرحه على الشجر لكثرة الشجر، طرحه عليها إذا كانت العادة أنه يطرح على حافتي النهر ، فجعل حق صاحب النهر في موضع جريان الماء خاصة، والحافتان ملك لصاحب الأرض يغرسها إن أحب، ولا يطرح الآخر عليها إلا لعادة، ولصاحب النهر أن يمنع صاحب الأرض من غراسة حافتي النهر، إذا كان يضر بالماء لما يشرب منه في أصول الشجر، ولأن عروق الغرس تعترض في النهر فتضر بجريانه. [ ص: 5931 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية