الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن وطأ من لا يحل له وطؤها بملك يمين أو بنكاح من قرابة أو غيرها]

                                                                                                                                                                                        قال محمد: ومن اشترى شيئا مما يجب عليه الحد فيه في النكاح، ولا يعتق عليه بحكم بوطئه بملك اليمين- لم يحد وإن كان عالما بتحريم ذلك، إن كانت أمه من الرضاعة أو أخته أو أخت امرأته من الرضاعة أو عمته أو خالته أو بنت الأخ من النسب أو الأمة المجوسية .

                                                                                                                                                                                        ولو نكح شيئا من ذلك لوجب عليه الحد، ولو اشترى من يعتق عليه فلم يعتق حتى وطئها- رجم إن كان محصنا، وأتى ذلك وهو عالم أنها محرمة -يريد: وهو من أهل الاجتهاد- ورأيه أنها حرة بنفس الشراء، وإن كان رأيه ألا عتق أو كان مقلدا وهو يقلد من لا يرى العتق- لم يحد، ولو وطئ المرأة من تملكه حدت.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد فيمن تزوج مجوسية وهو عالم بتحريم ذلك - رجم .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب النكاح الثالث في المسلمة تتزوج النصراني: لا أرى في ذلك حدا وإن تعمداه، ولكني أرى العقوبة إن لم يجهلوا .

                                                                                                                                                                                        وهذا أصل واحد فتحريم المسلمة على النصراني كتحريم المجوسية على [ ص: 6284 ] المسلم، فعلى قول محمد في المسلم يتزوج المجوسية: إنه يحد، تحد المسلمة إذا تزوجت النصراني، وعلى قول ابن القاسم في المسلمة: لا تحد إذا تزوجت النصراني، سقط الحد عن المسلم إذا تزوج المجوسية، فأسقط الحد في أحد القولين لما كان يصح أن تحل يوما ما بأن تسلم المجوسية أو يسلم النصراني، وكان بمنزلة المطلقة ثلاثا والمتزوجة في العدة; لأنها تحل يوما ما.

                                                                                                                                                                                        وإذا تزوجت امرأة وهي في عصمة آخر- حدت: فتجلد إن لم يكن دخل بها زوجها الأول، وترجم إن كان دخل بها ، وإن نعي زوجها فتزوجت ولم يثبت موته- لم تحد; لأن ذلك شبهة والنساء يجهلن ذلك.

                                                                                                                                                                                        وإن باعت حرة نفسها فأصابها المشتري- حدت: فتجلد إن كانت بكرا، وترجم إن كانت ثيبا، ولا حد على المشتري إلا أن يعلم أنها حرة.

                                                                                                                                                                                        ولو غصبها رجل فباعها- لم تحد إذا علمت أنها إذا ذكرت أنها حرة ولم يقبل منها. وكذلك الأمة تأبق لسيدها، وتمكن رجلا من بيعها- تحد، وكذلك لو غصبت فاشتراها رجل- حد إذا كان عالما أن البائع لها منه غاصب.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد: إذا زوجت الأمة نفسها، وقالت: أنا حرة أو وكلت من زوجها، والمتزوج عالم أنها كاذبة وأنها تعدت- لم يكن عليها حد، وعوقبا جميعا، ويلحق الولد بأبيه غير أنه رقيق لسيد الجارية مع أمهم، ولا قيمة على الأب فيهم، وذلك إذا علم أنه كان عالما أنها أمة قبل تزويجه أو قبل الوطء أو [ ص: 6285 ] قبل الحمل، وإلا لم أرق ولده ولم أقبل قوله، وأراهم أحرارا، ويتبع أبوهم بالقيمة يوم تستحق أمهم .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية