الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الرجل يعتق أم ولده ثم يطؤها]

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن أعتق أم ولده ثم أصابها في الاستبراء، وقال: ظننت أنها تحل لي، فقال ابن القاسم: لا حد عليه .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في كتاب محمد: يحد، ورأى أن ذلك مما لا يخفى تحريمه، فلا يصدق، بخلاف من طلق ثلاثا، ثم أصاب في العدة، وقال: ظننت أنها تحل لي; لأن الطلاق منه رجعي، فقد لا يميز بعض الناس ذلك، والعتق مما لا يجهل أحد أنه يحرم ويرفع الملك.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن ارتدت أم ولده، ثم أصابها وهو عالم أنها حرام عليه: لم يحد . فأسقط الحد; لأن ارتدادها لا يسقط ملكه عنها، ولا تعتق عليه بلا خلاف.

                                                                                                                                                                                        ولا حد فيمن وطئ بملك اليمين. وإن كان هو الذي ارتد، ثم وطئها في حال كفره أو بعد أن رجع إلى الإسلام، وهي طائعة- لم تحد هي عند ابن القاسم ; لأن ارتداده لا يسقط ملكه عنها، وتحد على قول أشهب ; لأنه [ ص: 6286 ] قال في كتاب محمد: هن أحرار بمنزلة امرأته. فإذا كانت عنده حرة بنفس ارتداده- وجب أن تحد إذا كانت ممن ترى ذلك، ولا حد عليه هو إذا أصابها في حال كفره; لأن الكافر لا يحد إذا زنى.

                                                                                                                                                                                        ويختلف في حده إذا أصابها بعد أن رجع إلى الإسلام، فلا يحد على قول ابن القاسم، ويحد على قول أشهب.

                                                                                                                                                                                        وأما ارتداد أحد الزوجين، فإن الجواب فيهما سواء إذا ارتد أحدهما، فإنه يختلف في حد الباقي على الإسلام منهما إذا أصاب في حال الارتداد، فالظاهر من المذهب أنه لا حد عليه.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن المواز إذا ارتدت الزوجة فأصابها وهو عالم بتحريمها: إنه يرجم، وكذلك عنده لو ارتد هو فأصابها طائعة لرجمت. يريد: لأن الارتداد طلقة بائنة .

                                                                                                                                                                                        والصواب: ألا حد عليه; لأن الحكم في الزوجية عند الارتداد مما يجهله كثير من الناس، ولأن موجب ارتدادها مختلف فيه، فقال أشهب وعبد الملك: لا يقع عليه طلاق ، وأن أمره مترقب، فإن عادت إلى الإسلام- كانت على الزوجية من غير طلاق، ولا حد على المرتد منهما; لأنه كافر، ولا حد على الكافر إذا زنى. [ ص: 6287 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية