الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في صوم المجنون]

                                                                                                                                                                                        المجنون غير مخاطب بالصوم في حال جنونه ولا خلاف في ذلك، واختلف هل هو مخاطب بالقضاء على ثلاثة أقوال:

                                                                                                                                                                                        فقيل: عليه القضاء. وسواء بلغ صحيحا أو مجنونا، قلت السنون التي جن فيها أو كثرت وهو قول مالك وابن القاسم في المدونة.

                                                                                                                                                                                        وقيل: إن قلت السنون كالخمس ونحوها كان عليه القضاء، وإن كثرت كالعشر وما فوق ذلك لم يكن عليه قضاء، ذكره ابن حبيب عن مالك والمدنيين من أصحابه.

                                                                                                                                                                                        وقيل: إن بلغ مجنونا فلا قضاء عليه، وإن بلغ عاقلا ثم جن كان عليه القضاء، قال ابن الجلاب: وأظنه قول عبد الملك.

                                                                                                                                                                                        وقد اتفقت هذه الروايات على أنه إذا بلغ صحيحا ثم جن وقلت السنون أن عليه القضاء، فمن أوجب القضاء على المجنون قاسه على الحائض أنها تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، ومن أوجبه فيما قل قاسه على توجيه القول في [ ص: 754 ] الحائض أنها لم تقض الصلاة لتكررها وقضت الصوم; لأنه مما لا يتكرر، فإذا كثر ما لزم المجنون من الصوم لطول السنين كان بمثابة الصلاة للحائض، ومن أسقطه عمن بلغ مجنونا قاسه على الصبي; لأنه لم تمر به حالة يتوجه عليه الخطاب فيها بشيء من الفروض ففارق المريض والحائض; لوجود العقل منهما وأنهما من أهل التكليف.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية