الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن يؤخذ منه العشر من أهل الذمة والحربيين

                                                                                                                                                                                        وإذا خرج الذمي تاجرا إلى أفقه ؛ لم يؤخذ منه شيء . وإن خرج إلى غير أفقه ؛ أخذ منه إن قدم بتجارة عشر ثمنها إذا باع ، وإذا قدم بعين فاشترى به تجارة ؛ أخذ منه عشر تلك السلع .

                                                                                                                                                                                        وإن قدم بفضة استأجر على ضربها ، وكانت ألف درهم ؛ ضرب له تسعمائة ، وأتى من ينظر للمسلمين بمائة للأجير يضربها لهم ، أو يبيع منافعه في ضرب مائة .

                                                                                                                                                                                        ولو قدم بثياب استأجر على صبغها وهي مائة ؛ صبغ له تسعين ، وإن لم ينظر في ذلك حتى ضرب الألف ، وصبغ الثياب المائة ، أخذ منه قيمة ذلك الجزء الذي كان يستحق المسلمون ، ويعشر أيضا ذلك العشر ، فإن باع أو اشترى بعد ذلك في ذلك البلد ؛ لم يؤخذ منه شيء .

                                                                                                                                                                                        وكذلك إن خرج إلى بلد آخر من ذلك الأفق ؛ لم يؤخذ منه شيء ، وإن خرج إلى أفق آخر ؛ أخذ منه أيضا .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا رجع إلى بلده بتجارة ، هل يؤخذ منه شيء ؟ فقال مالك في [ ص: 949 ] المجموعة : تؤخذ منه . وقال في مختصر ابن عبد الحكم : لا يؤخذ منه مما قدم به شيء .

                                                                                                                                                                                        واختلف القول إذا أكرى إبله ، فقال أشهب : لا شيء عليه في الكراء . وقال ابن القاسم وغيره : يؤخذ منه .

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد القول أنه يؤخذ منه ، فقيل : يؤخذ منه العشر بالموضع الذي عقد فيه .

                                                                                                                                                                                        وقيل : بالموضع الذي قصد إليه . وقال بعض أهل العلم : يفض الكراء على قدر مسيره في أرضه ، وما بعده ، فما سار في بلاده ؛ سقط عنه ، وما سار في غيره ؛ أخذ منه .

                                                                                                                                                                                        ويختلف على هذا إذا أسلم في سلعة ليقبضها في غير بلده ، هل يراعى [ ص: 950 ] موضع العقد أو موضع القبض ؟ وقال مالك فيما قدموا به إلى مكة والمدينة من الحنطة والزيت : يؤخذ منه نصف العشر .

                                                                                                                                                                                        وكذلك إلى ما كان من أعراض المدينة من القرى التي يكثر حملهم إليها ، من المدينة وروي عن مالك أنه قال : يؤخذ منه فيها العشر ، فقد أغنى الله أهل المدينة وغيرها من المسلمين . وقال ابن نافع : لا يؤخذ منهم بهذين البلدين إلا نصف العشر كما فعل عمر - رضي الله عنه - . ومن أراد من أهل المدينة أن يرجع بما قدم به من التجارة- لم يمنع من ذلك ، ولم يؤخذ منه شيء . وإن قدم بجارية للتجارة ، لم يحل بينه وبينها ؛ لأن العشر إنما يستحق من الأثمان .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية