الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في القدر الذي يؤخذ من الحربيين]

                                                                                                                                                                                        واختلف في الحربيين إذا قدموا بتجارة في القدر الذي يؤخذ منهم ، وهل يؤخذ من عين ما قدموا به ، أو من أثمانه ؟ فقال مالك : يؤخذ منهم العشر .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم ، وابن نافع : ليس في ذلك حد معلوم ، إنما هو ما [ ص: 951 ] راضاهم المسلمون عليه . وقال أشهب في المجموعة : إلا أن ينزلوا من غير مقاطعة ، فلا يزاد عليهم على العشر .

                                                                                                                                                                                        يريد : إذا لم ينظر في ذلك حتى باعوا- وهذا أحسن إذا لم تتقدم لهم عادة ولم يفت ببيع - ، كان الأمر على ما تراضوا عليه من قليل أو كثير .

                                                                                                                                                                                        وإن لم ينظر في ذلك حتى فات بالبيع أجروا على حكم أهل الذمة . قال ابن القاسم : فإن نزلوا على دنانير معلومة ؛ لم يحل بينهم وبين رقيقهم .

                                                                                                                                                                                        قال : وقال مالك : فإن نزلوا على العشر؛ حيل بينهم وبين وطء الإماء حتى يبيعوا . وإن لم يبيعوا ورجعوا بسلعهم أخذ منهم العشر بخلاف الذميين .

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم : وإن نزلوا على العشر؛ فليس للوالي أن يقاسمهم رقيقهم حتى يبيعوا إلا أن يبدو لهم في البيع ، والخروج إلى بلد آخر ، أو إلى بلدهم ، إلا أن ينزلوا على أن يقاسمهم رقيقهم ما بأيديهم ، فلا يكون لهم أن يطؤوا ، ولا يبيعوا حتى يقاسموا . [ ص: 952 ]

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في كتاب ابن المواز : لهم أن يرجعوا بسلعهم إلا أن يشترط عليهم شروط .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في المجموعة في الذمي يقدم بالخمر أو ما يحرم علينا : تركوا حتى يبيعوه ، فيؤخذ منهم عشر الثمن ، وإن خيف من خيانتهم ، جعل عليهم أمين .

                                                                                                                                                                                        قال ابن نافع : وذلك إذا جلبوه لأهل الذمة لا إلى أمصار المسلمين التي لا ذمة فيها .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن شعبان : لا يجوز الوفاء لهم بذلك ، ولا النزول بمثل هذا ، وتهراق الخمر ، وتعرقب الخنازير ، فإن نزلوا على أن يقروا على ذلك ، وهم بحدثان نزولهم ، قيل لهم : إن شئتم فعلنا ذلك وإلا فارجعوا . وإن طال مكثهم ، فعل ذلك وإن كرهوا . [ ص: 953 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية