فصل [في تعريف الغارم وشروط اعتباره] 
والغارم : من عليه دين ، فيجوز له أن يأخذ من الزكاة ما يقضيه منه  ، وذلك بأربعة شروط : 
أن لا يكون عنده ما يقضي منه دينه ، والدين لآدمي ، ومما يحبس فيه ، ولا تكون تلك المداينة في فساد ، فإن كان الدين حقا لله سبحانه كفارة ظهار أو قتل - لم يعط ذلك . 
واختلف إذا تداين في فساد ، فقيل لا يعطى منها ما يقضي ذلك الدين ، وقال محمد بن عبد الحكم   : إذا حسنت حاله أعطي ؛ لأنه غارم ، وقد كان له أن يصرف ما تسلف فيما يجوز ، وهو دين يلزم ذمته ويحاص به الغرماء . قال : وإن كان الدين عن جناية خطأ وهي دون الثلث ؛ قضي عنه ، وإن كانت أكثر من الثلث ؛ لم يقض ؛ لأن العاقلة لا تحمل مع العسر ، ولا يحاص به الغرماء . وإن كانت الجناية عمدا ؛ جرت على القولين فيما إذا كانت المداينة عما  [ ص: 979 ] لا يجوز ، فإن لم يتب لم يعط قولا واحدا . 
قال الشيخ - رضي الله عنه - : ولو أتلف غني ماله فيما لا يجوز ؛ لم يعط بالفقر  ؛ لأنه يصرفه في مثل الأول إلا أن تعلم منه توبة أو يخاف عليه ، ولا يعطى منها ابن سبيل إن خرج في معصية  ، وإن خشي عليه الموت ، نظر في تلك المعصية ، فإن كان يريد قتل إنسان ، أو هتك حرمة- لم يعط ، ولا يعطى منها ما يستعين به على الرجعة إلا أن يكون قد تاب ، أو يخاف عليه الموت في بقائه إن لم يعط . 
وإن كان عليه رزق لزوجته عن مدة فرطت ، وكان موسرا في حين إنفاقها على نفسها ، كان من الغارمين ، وإن كان معسرا ، لم يكن من الغارمين ؛ لأن النفقة ساقطة عن الزوج في حال عسره ، وإن كانت النفقة لما يستقبل ، وكذلك نفقة الولد والوالدين- يعطى بالفقر . 
ومن تحمل بمال ، والمتحمل به موسر- لم يعط ، وإن كان معسرا أعطي ما يقضي منه حمالته  ، إلا أن تكون تلك المداينة في فساد . 
وقال محمد بن عبد الحكم  فيمن كانت عليه زكاة فرط فيها ، فلم يخرجها ناسيا أو عامدا حتى تلف ماله ، ثم أتى يطلب مع الغارمين ما يؤدي منه زكاته  ، كان فيها قولان : 
أحدهما : أن ذلك له ؛ لأنه مما يأخذه به السلطان ويحكم عليه به ، ثم ترد إلى مواضع الزكاة وقد قضيت ذمته .  [ ص: 980 ] 
والثاني : أنه لا يعطى ، ولا يقضى من الزكاة زكاة وهذا أحسن ؛ لأن هذه غصوب ، ولا تقضى الغصوب من الزكاة . 
وقال  محمد بن المواز  في كتاب الوصايا : لا يقضى منها دين ميت   . 
وقال  ابن حبيب   : يقضى منها وهو من الغارمين . قال : وكان امتناع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة على من عليه دين  قبل نزول الآية ، فلما نزلت الآية صار قضاء ذلك على السلطان . 
ومن المدونة قال  ابن القاسم  فيمن له ألف درهم ، وعليه ألفان ، وله دار وخادم قيمتهما ألفان : فليس من الغارمين ، ويكون دينه في داره وخادمه ، ويزكى ما في يديه . وإن قضى الألف التي عنده ، وبقيت عليه ألف ؛ كان من الغارمين إذا لم يكن في الدار والخادم فضل عن دار وخادم تعينه . 
وقال  أشهب   : إذا لم يكن في الدار والخادم فضل بعد قضاء الألف التي بقيت عليه من الخادم والمسكن إلا قدر مسكنه وخادمه ، ولا فضل له فيما بقي- فأرى أن يعطى من الزكاة ، وأن يكون من الغارمين . يريد : أن الغريم يبيع من الدار بقدر الدين ، ويكون البعض الباقي لا فضل فيه .  [ ص: 981 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					