باب الأصل في حديث  ابن عباس  
الأصل في ذلك حديث  ابن عباس   - رضي الله عنهما - قال :  "جاءت امرأة من خثعم  ، فقالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : نعم   . وذلك في حجة الوداع"  . اجتمع عليه الموطأ  والبخاري   ومسلم   . 
وقال  ابن عباس   - رضي الله عنهما - :  "أتى رجل إلى رسول الله ، فقال : يا رسول الله ، إن أختي نذرت أن تحج ، وإنها ماتت قبل أن تحج ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لو كان عليها دين أكنت قاضيه ؟ . قال : نعم . قال : فاقض دين الله ، فهو أحق بالقضاء"  . وقال - صلى الله عليه وسلم - :  "من مات وعليه صوم صام عنه وليه"  . يريد : إن شاء ، ليس أن يجبر . 
وفي  مسلم   :  "قالت امرأة : يا رسول الله ، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر  [ ص: 1262 ] رمضان ، أفأصوم عنها ؟ قال : صومي . قالت : إنها لم تحج ؟ قال : حجي عنها"  . وقد تضمنت هذه الأحاديث النيابة في الحج والصلاة -وهي ركعتا الطواف- والصوم   . وفي  البخاري   :  "أمر  ابن عمر  امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء  ، فقال : صلي عنها"  . 
ولم يختلف قول  مالك  في العتق والصدقة عن غيره ، وهو يسقط الاعتراض ، لقول الله تعالى : وأن ليس للإنسان إلا ما سعى   [النجم : 39] لأنهما ليسا من سعي المعتق عنه ولا المتصدق عليه . 
واختلف المذهب في حج الإنسان عن غيره وهو حي أو ميت بأمره أو بغير أمره  ، فأجاز  مالك  ذلك مرة اتباعا للحديث ، ومنع مرة لما كانت أعمال أبدان ، ولم ير النيابة فيها ، وقال : لا يحج أحد عن أحد . 
وقال في كتاب محمد  في امرأة أوصت أن يحج عنها : إن حمل ذلك ثلثها ، فإن لم يكن يحمل جعل في رقبة ، فحمل ذلك ثلثها قال : يعتق عنها ولا يحج . فلم يجز ذلك وإن كان بوصية من الميت ، وقال  ابن وهب   وأبو مصعب   : لا يحج أحد عن أحد إلا الابن عن أبيه . فخص الولد كان بوصية ذلك أم لا ، كان الأب شيخا كبيرا أو غير ذلك . وقال  ابن حبيب   : جاءت الرخصة في الحج عن الكبير  الذي لا منهض له ولم يحج ، وعمن مات ولم يحج أن يحج عنه ولده وإن  [ ص: 1263 ] لم يوص به ، ويجزئه إن شاء الله . 
وقال  أشهب  في كتاب محمد   : إن حج عن الشيخ الكبير أجزأه ، وقيل  لمالك   : إن رجلا أمرني وهو حي أن أحج عنه ، فقال : افعل ما أمرك ، وأرى ذلك سواء الموت والحياة ، والابن والأجنبي ، والشيخ والشاب ، سواء كل ذلك جائز ، وكلها أعمال أبدان ، إلا أن يكون حيا قادرا على الحج فلا يصح أن يحج عنه ، كما لا يجوز ذلك في الصلاة والصوم إذا كان قادرا على الأداء . 
				
						
						
