باب فيما يوجد في الغنائم من أموال المسلمين وأموال الذميين 
وقال  مالك  فيما وجد في الغنائم من عبد أو غيره ، وعلم أنه لمسلم وعلم صاحبه   : رد إليه بغير ثمن ، وإن علم أنه لمسلم ولم يعلم صاحبه قسم ، فإن أتى صاحبه ، وأثبت أنه له أخذه بالثمن الذي بيع به . 
قال الشيخ -رحمه الله- : لا يخلو ذلك من خمسة أوجه : 
إما أن يعلم صاحبه وهو حاضر ، أو غائب ويعلم بلده الذي كان أخذ منه ، أو علم البلد الذي أخذ منه أو لم يعلم صاحبه أو لم يعلم بلده ولا صاحبه ، أو لم يعلم أنه لمسلم . 
فإن علم صاحبه ، وكان حاضرا ؛ دفع إليه بغير عوض . 
وإن كان غائبا ، وكان ممن لا حمل له ؛ نقل إليه ، وإن كان مما له حمل ومؤونة ، وكان الكراء عليه يأتي على كثير من ثمنه ؛ بيع ، وبعث إليه ثمنه ، وإن كان الكراء عليه أفضل ؛ أكري عليه ، إلا ألا يوجد من يتكلف ذلك ، فيباع . 
واختلف إذا علم البلد الذي كان أخذ منه ، ولم يعلم صاحبه ، فظاهر قول  مالك   وابن القاسم   : أنه يقسم .  [ ص: 1369 ] 
وقال البرقي  وعبيد   : إذا غنموا أحمال متاع ، وعليها مكتوب : هذا لفلان بن فلان ، وعرف البلد الذي اشتري منه ، كالكتان بمصر  وشبهه لم يجز قسمه ، ويوقف حتى يبعث إلى ذلك البلد ، ويكشف عن اسمه المكتوب عليه ، فإن وجد من يعرفه ، وإلا قسم . 
قالا : ولو عرف ذلك واحد من الجيش ؛ لم يقسم . 
واختلف إذا علم أنه لمسلم ، ولم يعلم صاحبه ولا بلده ، هل يعجل قسمه أو لا ؟ فقال مالك في المدونة : يقسم . 
وقال محمد   : هو كاللقطة توجد وكالضالة ، إن قدر على رده بغير مؤونة ؛ نظر فيه ، وإلا بيع ، وصير مغنما . 
فلم ير  مالك  وقفه ؛ لأن الغالب أنه لا يعرف ، فلم تكن للوقف فائدة . 
وعلى قول محمد  يوقف ؛ رجاء أن يعرف كاللقطة ، فإن لم يعرف فحينئذ يقسم والقسمة لوجهين : 
أحدهما : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :  "فإن لم تعرف ، وإلا شأنك بها"  .  [ ص: 1370 ] 
فجعلها لملتقطها ، والجيش ملتقطوها . 
والثاني : مراعاة للخلاف لقول من يقول فيما عرف أنه لمسلم- إنه للجيش دون صاحبه ، فإن أتى صاحبه بعد القسم أخذه بالثمن . 
واختلف إذا باعه المشتري الثاني ، ثم أتى صاحبه ، فقيل : يأخذه بالثمن الأول كالاستحقاق ، وسواء كان الأول أكثر من الثاني ، أو أقل ، فإن تساوى الثمنان ؛ دفع ذلك للآخر ، ويصير قضاء عن الأول . 
وإن كان الثاني أقل ؛ دفع إليه ثمنه ، ودفع الفضل إلى الأول ، وإن كان الثاني أكثر ؛ دفع إلى المستحق الثمن الأول ، واتبع الثاني الأول بالفضل . 
وقيل : يأخذه بأقل الثمنين كالشفعة ، ورآه من باب :  "لا ضرر ولا ضرار"  . 
فإن كان الثاني أقل ؛ قيل للمشتري الأول : أنت لم تضر بشيء ، والثمن الذي رضيته وبعت به في يديك . 
وإن كان الثاني أكثر ؛ أخذ بالأول . 
ويجري فيها قول ثالث : أن البيع الثاني فوت ، وليس لصاحبه أن يأخذه من الثاني قياسا على إذا اشتري من أرض الحرب ، ثم بيع .  [ ص: 1371 ] 
فقال  ابن القاسم   : ذلك فوت . 
ولم ير أن يأخذ عينه ، ويرجع المستحق على المشتري الأول بفضل الثمن إن كان باعه بأكثر مما اشتراه به . وقال غيره : ليس ذلك فوتا . وهو أحسن ؛ لأنه مستحق له في الحقيقة ، وإن كان لا يأخذه إلا بعد دفع الثمن . 
				
						
						
