فصل [فيمن أعتق أو استولدها مبتاعها] 
واختلف إذا لم يبعه المشتري وأعتقه ، أو كانت أمة فأولدها  ، فقال  ابن القاسم   : ذلك فوت ولا شيء لمستحقهم فيهم . 
وقال  أشهب   : له أن يرد العتق ، ويأخذ الأمة وإن ولدت . يريد : ويحاسبه من الثمن بقيمة الولد ، فأمضى ذلك  ابن القاسم  على الأصل فيما بيع على وجه الشبهة ، وكان مما لا يأخذه مستحقه ، إلا بعد دفع الثمن : أن العتق والإيلاد فوت . ولهذا قال مرة : إن البيع الثاني فوت . 
ورد ذلك  أشهب  ؛ لأنه مستحق في الحقيقة لعين ذلك العبد والأمة . 
ويختلف على هذا ؛ إذا أعتق الرجل إلى أجل ، فعلى قول  ابن القاسم   [ ص: 1372 ] يمضي ذلك كله ، وعلى قول  أشهب  يرد . 
واختلف فيما أخذ من المكاتب ، فمن قال : إن ذلك غلة ؛ لم يحاسب بها فيما أخذ ، ولم يكن للمستحق أن يأخذه إلا بعد دفع الثمن . 
ومن قال : إنها ثمن للرقبة ؛ يكون للمستحق أن يحاسب المشتري بقدر ما أخذ من الكتابة . 
واختلف في الحر إذا بيع في المقاسم ، فقال  مالك   وابن القاسم  في كتاب محمد   : لا يتبع الحر بذلك الثمن . 
وقال  سحنون  في كتاب ابنه عن  أشهب  إنه يتبع . ولم يفرق في هذين القولين ؛ هل كان جاهلا أو عامدا . 
وقال  ابن القاسم   : وإن كان صغيرا أو كبيرا قليل الفطنة كثير الغفلة ، أو أعجميا يظن أن ذلك رق له ؛ لم يتبع وإن كان ينادى عليه ، وهو ساكت متعمدا بلا عذر ؛ اتبع إذا لم يجد المشتري على من يرجع . 
وقال غيره : لا يتبع ، وإن غرر من نفسه وكل هذا إذا افترق الجيش ، وكانوا لا يعرفون لكثرتهم وإن لم يفترقوا ، أو عرفوا بعد الافتراق ، رجع عليهم المشتري ، أو من كان صار في قسمه .  [ ص: 1373 ] 
قال  ابن القاسم   : ينبغي للإمام إذا لم يعرفوا أن يغرم الثمن من وقع في سهمه من الخمس أو من بيت المال . 
قال  سحنون   : هي مصيبة نزلت به ، ولا يعطى من الخمس ولا من بيت المال . فأسقط مقال المشتري مع علم الحر المبيع ؛ لأنه غرور بالقول . 
وأثبت  أشهب  الرجوع مع الجهل ؛ لأنه بمنزلة من أخطأ على مال غيره لما جهل بيع رقبته وسلمها للمشتري . 
ولا يختلف في ذلك إذا كان المبيع صغيرا ؛ أن لا رجوع عليه . 
وأرى أن يغرم الإمام خمس الثمن من باقي الخمس إن بقي منه شيء أو من بيت المال . 
واختلف في الذمي يباع في المقاسم ، كالاختلاف في المسلم . 
وإن وجدت في المغانم أم ولد لمسلم  لم تقسم ، وإن قسمت بعد المعرفة أخذها سيدها بغير ثمن . 
واختلف إذا لم يعلم أنها أم ولد حتى قسمت ، فقال  مالك  في الموطأ : يفديها الإمام لسيدها ، فإن لم يفعل فعلى سيدها أن يفديها ، ولا أرى للذي  [ ص: 1374 ] صارت له أن يسترقها ، ولا أن يستحل فرجها . 
وقال في المدونة : على سيدها الثمن الذي اشتريت به ، وإن كان أكثر من قيمتها . فإن لم يوجد عنده شيء قبضها ، واتبع بثمنها . 
وقال  أشهب  والمغيرة   وعبد الملك  في كتاب محمد   : على سيدها الأقل من قيمتها ، أو الثمن الذي اشتريت به ، وإن كان عديما اتبع به . 
قال  عبد الملك   : ومشتريها أحق بما في يد سيدها من غرمائه . 
وروى  ابن وهب   وأشهب  عن  مالك  أنه قال : إن أعتقها المشتري أخذت منه بغير شيء . 
وقال  سحنون   : إن أعتقها وهو عالم أنها أم ولد لمسلم ، فكأنه وضع المال عن سيدها ، وبطل عتقه . وإن لم يعلم بطل العتق ، وأتبع السيد بما كان افتداها به ، وإن أولدها المشتري ؛ كان على سيدها الثمن الذي بيعت به ، وعلى الواطئ قيمة الولد ، وإن مات السيد قبل أن يعلم بها ؛ كانت حرة ، ولم يكن للمشتري عليها ، ولا على تركته شيء .  [ ص: 1375 ] 
قيل له : فلم قلت : إذا جنت ، ومات سيدها ، ولم يفدها : أنها تتبع ؟ قال : لأن هذا فعلها ، وليس لها في الأول فعل . 
ولو كان معتقا إلى أجل ، وعرف سيده ؛ وقف له ، وإن لم يعرف بيعت خدمته ، ودخلت في المقاسم . 
فإن استخدمه المشتري ، ومضى الأجل ؛ كان حرا . فإن أتى صاحبه بعد ذلك ؛ لم يكن له فيه ، ولا على المشتري شيء . 
وإن أتى بعد ما مضى نصف خدمته ؛ كان بالخيار في النصف الباقي بين أن يأخذه ، ويدفع نصف ما اشتريت به ، أو يسلمه ولا شيء له فيه . 
وإن بيعت رقبته ، ثم علم أنه معتق إلى أجل ؛ عاد حق المشتري في الخدمة ، ويحاسب بها من الثمن ، ثم يخرج حرا . 
ويختلف : هل يتبعه بالباقي إذا كان الثمن أكثر من الخدمة ، حسبما تقدم لو ثبت أنه حر من الأول . 
وإن أتى سيده قبل أن يستخدم كان بالخيار بين أن يفتديه ، وتكون له خدمته ، أو يسلمه ، ويختدمه المشتري في الثمن . 
واختلف قول  ابن القاسم  إذا مضى الأجل قبل تمام الثمن ، فقال في كتاب محمد   : يتبع بالباقي .  [ ص: 1376 ] 
وروى عنه أبو زيد   : أنه لا يتبع . 
وهذا راجع إلى الخلاف المتقدم في الحر يباع في المقاسم ، ثم يعلم به ، هل يتبع بما اشتري به . 
فإذا ذهبت الخدمة ، وصار حرا كان في الباقي بمنزلة الحر . 
ويختلف أيضا : إذا استوفى الثمن قبل انقضاء الخدمة ، هل يرجع إلى سيده . وكذلك ، إن فداه رجل من العدو ؛ كان سيده بالخيار بين أن يعطيه ما فداه به ، وتكون له خدمته ، أو يسلمه فيختدمه المشتري . 
فإن انقضى الأجل ، وقد بقي من فدائه شيء اتبعه به قولا واحدا ؛ لأن الحر ها هنا يتبع بما يفتدى به من أهل الحرب . وهو في هذا آكد ممن وقع في المقاسم . 
وإن أسلم عليه حربي كانت له خدمته دون سيده ، وإذا مضى الأجل كان حرا . 
				
						
						
