الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما إذا كان الصداق رهنا]

                                                                                                                                                                                        وإن أخذت بالصداق رهنا، ثم سلمته كان القول قول الزوج مع يمينه أنه [ ص: 1990 ] دفع وتبرأ، وسواء دخل أم لم يدخل، واختلف إذا دخل وبقي الرهن في يدها، فقال سحنون: القول قول الزوج مع يمينه، ويأخذ رهنه. وقال يحيى في المنتخبة: القول قولها مع يمينها، وهو أبين كمن باع سلعة وسلمها، وبيده رهن بالمبيع، فالقول قول البائع، ما دام الرهن بيده. وإن أخذت بالصداق حميلا كان الاختلاف على ثلاثة أقسام:

                                                                                                                                                                                        فإما أن يكون الاختلاف بين الزوج والحميل خاصة في أيهما دفع، والزوجة مصدقة في قبض صداقها. أو يكون الاختلاف بينهما وبين الزوجة خاصة، تقول: لم أقبض، ويقولان: قد قبضت، واتفقا أن الدفع كان من الزوج أو من الحميل. أو يكون الاختلاف بين جميعهم، فالزوج يقول: دفعت، والحميل يقول: أنا الدافع، والزوجة تقول: لم أقبض. فإن أقرت بالقبض، واختلف الزوج والحميل في أيهما دفع واتفقا أن المرأة لم تقبض إلا مائة واحدة؛ لأن الدفع كان بمحضرهما، أو أرسلا بها رسولا، كان القول قول الزوج مع يمينه، فإن نكل حلف الحميل، ورجع على الزوج، ولا يمين على الزوجة في الوجهين جميعا.

                                                                                                                                                                                        وإن كان دفع كل واحد بغير محضر صاحبه سئلت المرأة: أيهما كان الدافع؟ فإن قالت: الزوج. حلفت للحميل، ولم يكن بين الحميل والزوج [ ص: 1991 ] مقال، وإن نكلت حلف الحميل، ورجع عليها.

                                                                                                                                                                                        فإن قالت: قبضت ذلك من الحميل، كان القول قول الزوج أنه دفع ذلك إليها؛ لأنه يقول: لم أقبض ما اشتريت حتى دفعت ما علي، ولم يدفع أحد عني شيئا، وكان القول قوله أنه دفع عن نفسه، حتى يعلم أن غيره الدافع عنه. ويحلف الزوج يمينين، يمينا للزوجة أنه دفع ذلك إليها، ويمينا للحميل: إني لا أعلم أنك دفعت قبل دفعي شيئا. فإن نكل عن اليمين للزوجة حلفت أنها لم تقبض ذلك منه، وغرمه الزوج للحميل، فإن نكلت برئ الزوج، وغرمت هي للحميل. وإن حلف للزوجة ونكل عن اليمين للحميل حلف الحميل: إنك تعلم أني دفعت ذلك قبل دفعك، ورجع عليه. فإن نكل فلا شيء له على الزوج.

                                                                                                                                                                                        فإن قالت: لم أقبض من واحد منكما شيئا، ولم يبن بها، فإن ادعت دفع مائة واحدة حلفت يمينا واحدة وأخذت من الزوج، إلا أن يكون معسرا فيأخذ من الحميل. وإن ادعى كل واحد أنه دفع إليها مائة من غير محضر صاحبه حلفت يمينا للزوج ويمينا للحميل، فإن حلفت للحميل ونكلت للزوج حلف الزوج وبرئ، ولا شيء للحميل على الزوج إذا لم يدع عليه العلم، وإن حلفت للزوج ونكلت للحميل حلف الحميل، ورجع على الزوج؛ لأن يمينها للزوج توجب أن يغرم لها الصداق، ويمين الحميل عند نكولها توجب أن يكون الحميل هو الدافع بالحمالة فوجب أن يرجع عليه. وإن نكلت الزوجة والزوج وحلفت للحميل غرم لها الزوج، ولا شيء للحميل، وإن حلفت لهما [ ص: 1992 ] جميعا وادعى الحميل على الزوج أنه يعلم أنه دفعه عنه بوجه جائز- حلف الزوج، فإن نكل حلف الحميل، ورجع عليه.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب: إن قال حامل الصداق بعد البناء: إنها قبضت ذلك منه، أو زعم الحميل أنها قبضت ذلك من الزوج فهو مصدق مع يمينه، ويسأل الزوج، فإن زعم أن الحامل بريء أو قال في الحمالة: إني برئت منه- صدق مع يمينه. وإن قال في الوجهين: لم تقبض الزوجة شيئا- لم يلزم الحامل ولا الزوج شيء، وأما في الحمالة فيلزم الزوج دون الحميل، وإن قال الحميل: دفعته إليها وأكذبه الزوج برئ الحميل من الحمالة، ولم يوجب له رجوع به على الزوج إلا ببينة، ويؤديه الزوج إلى المرأة بإقراره.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية