فصل
والصلوات المشروعة مشتملة على ذلك، على استماع لقراءة آيات الله وعلى السجود، ويدل على ذلك أنه قال بعد ذلك:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ، فعلم أن ما وصف به الذين أنعم عليهم قبل ذلك ضد الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، فنعت النبيين وأتباعهم بإقام الصلاة والمحافظة عليها.
ولهذا لما احتج بهذه الآيات ونحوها من أوجب
nindex.php?page=treesubj&link=1887سجود التلاوة أجاب عن ذلك من لم يوجبه بأن المراد بها سجود الصلب المفروض في الصلوات والقعود للثناء ما يتضمن الجمع بين القراءة والسجود، كما تضمن ذلك أول سورة أنزلت. ومما يشبه هذه الآيات الثلاث قوله في آخر النجم:
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=59أفمن هذا الحديث تعجبون nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=60وتضحكون ولا تبكون nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=61وأنتم سامدون nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=62فاسجدوا لله واعبدوا . يذم تعالى من يعجب من القرآن، ويضحك ولا يبكي بل يلهو، وأمر بالسجود لله والعبادة له.
وهذا متضمن للسجود عند سماع هذا الحديث، كما وضعت الصلاة على ذلك.
[ ص: 295 ]
وقد أخبر تعالى في قوله أنه لا يكون مؤمنا بآياته إلا من يسجد عند ما يذكر بها، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=15إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون . وهذه الآية يستدل بها على أن من لم يسجد لله فليس بمؤمن، وهذا يقتضي كفر تارك الصلاة، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=15وسبحوا بحمد ربهم يقتضي أن التسبيح واجب، وذلك يقتضي وجوب التسبيح مع السجود، والركوع يدخل في مسمى السجود عند الانفراد، فيقتضي وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=1546التسبيح في الركوع والسجود.
وأما قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=16تتجافى جنوبهم عن المضاجع فإنه داخل في حيز "الذين" أيضا، وذلك يجعل للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع لصلاة الصبح وصلاة العشاء، وكلما أخرت هذه وقدمت هذه كان أشد للتجافي عن المضاجع.
فَصْلٌ
وَالصَّلَوَاتُ الْمَشْرُوعَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذَلِكَ، عَلَى اسْتِمَاعٍ لِقِرَاءَةِ آيَاتِ اللَّهِ وَعَلَى السُّجُودِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ، فَعُلِمَ أَنَّ مَا وَصَفَ بِهِ الَّذِينَ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ ضِدُّ الَّذِينَ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ، فَنَعَتَ النَّبِيِّينَ وَأَتْبَاعَهُمْ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا.
وَلِهَذَا لَمَّا احْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَاتِ وَنَحْوِهَا مَنْ أَوْجَبَ
nindex.php?page=treesubj&link=1887سُجُودَ التِّلَاوَةِ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا سُجُودُ الصُّلْبِ الْمَفْرُوضُ فِي الصَّلَوَاتِ وَالْقُعُودُ لِلثَّنَاءِ مَا يَتَضَمَّنُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ، كَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ أَوَّلَ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ. وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ النَّجْمِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=59أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=60وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=61وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=62فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا . يَذُمُّ تَعَالَى مَنْ يَعْجَبُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَيَضْحَكُ وَلَا يَبْكِي بَلْ يَلْهُو، وَأَمَرَ بِالسُّجُودِ لِلَّهِ وَالْعِبَادَةِ لَهُ.
وَهَذَا مُتَضَمِّنٌ لِلسُّجُودِ عِنْدَ سَمَاعِ هَذَا الْحَدِيثِ، كَمَا وُضِعَتِ الصَّلَاةُ عَلَى ذَلِكَ.
[ ص: 295 ]
وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا بِآيَاتِهِ إِلَّا مَنْ يَسْجُدُ عِنْدَ مَا يُذَكَّرُ بِهَا، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=15إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ . وَهَذِهِ الْآيَةُ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلَّهِ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ، وَهَذَا يَقْتَضِي كُفْرَ تَارِكِ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=15وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ يَقْتَضِي أَنَّ التَّسْبِيحَ وَاجِبٌ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ التَّسْبِيحِ مَعَ السُّجُودِ، وَالرُّكُوعُ يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى السُّجُودِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، فَيَقْتَضِي وُجُوبَ
nindex.php?page=treesubj&link=1546التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=16تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ "الَّذِينَ" أَيْضًا، وَذَلِكَ يَجْعَلُ لِلَّذِينَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَكُلَّمَا أُخِّرَتْ هَذِهِ وَقُدِّمَتْ هَذِهِ كَانَ أَشَدَّ لِلتَّجَافِي عَنِ الْمَضَاجِعِ.