ذكر عدد المسلمين والمشركين الذين شهدوا بدرا   
روى  البخاري  عن  البراء بن عازب  رضي الله عنهما قال : كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتحدث : أن عدة أصحاب بدر  على عدة أصحاب طالوت  الذين جاوزوا معه النهر -ولم يجاوزه معه إلا مؤمن- بضعة عشر وثلاثمائة . 
وروى  ابن جرير ،   وابن أبي حاتم ،   والبيهقي ،   والطبراني ،  عن  أبي أيوب الأنصاري   -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم وهم بالمدينة :  «هل لكم أن نخرج فنلقى هذه العير لعل الله تعالى يغنمناها ؟ » قلنا : نعم ، فخرجنا ، فلما سرنا يوما أو يومين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتعاد ، فإذا نحن ثلاثمائة وثلاثة عشر ، فأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدتنا فسر بذلك ، وحمد الله تعالى وقال : «عدة أصحاب طالوت» .  
روى  ابن أبي شيبة  والإمام  أحمد ،   ومسلم ،   وأبو داود ،   والترمذي ،   وأبو عوانة ،   وابن حبان ،  عن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه قال : لما كان يوم بدر  نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه ، وهم ثلاثمائة وبضعة عشر ، ولفظ  مسلم :  تسعة عشر رجلا ، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة . الحديث . 
وروى البزاز  بسند حسن ، عن  أبي موسى الأشعري ،  رضي الله عنه ، قال : كانت عدة أهل بدر  عدة أصحاب طالوت  يوم جالوت  ثلاثمائة وسبعة عشر ، كذا في النسخة التي وقفت  [ ص: 74 ] عليها من مجمع الزوائد للهيثمي :  سبعة عشر ، وأورده في الفتح بلفظ «ثلاثة عشر» فيحرر . 
وروى  البخاري ،   وإسحاق بن راهويه ،  عن  البراء ،  رضي الله عنه ، قال : استصغرت أنا  وابن عمر  يوم بدر  فكان المهاجرون  يوم بدر  نيفا على الستين ، والأنصار  نيفا وأربعين ومائتين . 
ووقع عند  الحاكم  من طريق عبد الملك بن إبراهيم الجدي ،  عن  شعبة ،  عن أبي إسحاق ،  عن  البراء  أن المهاجرين  كانوا نيفا وثمانين ، قال الحافظ : وهذا خطأ في هذه الرواية؛ لإطباق أصحاب  شعبة  على ما وقع في  البخاري .  ووقع عند يعقوب بن سفيان  من مرسل عبيدة السلماني  أن الأنصار  كانوا مائتين وسبعين ، وليس ذلك بثابت . 
وروى  سعيد بن منصور  من مرسل أبي اليمان عامر الهوزني ،   والطبراني   والبيهقي  من وجه آخر عنه ، عن  أبي أيوب الأنصاري  رضي الله عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر  فقال لأصحابه : «تعادوا فوجدهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا» ثم قال لهم : «تعادوا» فتعادوا مرتين ، فأقبل رجل على بكر له ضعيف وهم يتعادون ، فتمت العدة ثلاثمائة وخمسة عشر . 
وروى  أبو داود ،   والبيهقي ،  بإسناد حسن ، عن  عبد الله بن عمرو بن العاص  رضي الله عنهما قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر  ومعه ثلاثمائة وخمسة عشر ، وهذه الرواية لا تنافي رواية ثلاثة عشر؛ لاحتمال أن تكون الأولى لم يعد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الرجل الذي أتى آخرا . وأما الرواية التي فيها : «تسعة عشر» فتحمل على أنه ضم إليه من استصغر ولم يؤذن له في القتال يومئذ ، كالبراء   وابن عمر  وكذلك  أنس ،  فقد روى الإمام  أحمد  بسند صحيح عنه أنه سئل : هل شهدت بدرا ؟  فقال : وأنى أغيب عن بدر ؟ !  وكأنه كان حينئذ في خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما ثبت عنه أنه خدمه عشر سنين ، وذلك يقتضي أنه ابتدأ خدمته له حين قدم المدينة ،  فكأنه خرج معه إلى بدر ،  أو خرج مع عمه زوج أمه  أبي طلحة .  
وفي الصحيح عن  موسى بن عقبة ،  عن  الزهري  قال : فجميع من شهد بدرا  من قريش  ممن ضرب له بسهمه أحد وثمانون . 
قال الحافظ :  والجمع بين هذا وبين قول  البراء  أن حديث  البراء  ورد فيمن شهدها حسا . وقول  الزهري  فيمن شهدها بالعدد حسا وحكما ممن ضرب له بسهم وأجره ، أو المراد بالعدد الأول الأحرار ، وبالثاني بانضمام مواليهم وأتباعهم . 
قال الحافظ :  وإذا تحرر هذا الجمع فيعلم أن الجميع لم يشهدوا القتال ، وإنما شهده منهم ثلاثمائة وخمسة أو ستة . 
روى  ابن جرير ،  عن  ابن عباس  قال : إن أهل بدر  كانوا ثلاثمائة وستة رجال ، وقد بين ذلك ابن سعد  فقال : إنهم كانوا ثلاثمائة وخمسة ، فكأنه لم يعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبين وجه  [ ص: 75 ] الجمع بأنه ثمانية أنفس عدوا في أهل بدر  ولم يشهدوها ، وإنما ضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم بسهامهم؛ لكونهم تخلفوا لضرورات لهم ، وتقدم بيانهم ، وحكى السهيلي  أنه حضر مع المسلمين سبعون نفسا من الجن . 
وكان المشركون ألفا ، وقيل : تسعمائة وخمسين ، وقيل : وكان معهم سبعمائة بعير ومائة فرس . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					