ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
استخلف على المدينة عبد الله بن عبد الله ابن أبي ابن سلول فيما قاله ابن إسحاق .
وقال محمد بن عمر : استخلف عبد الله بن رواحة .
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في ألف وخمسمائة ، فيهم عدة أفراس ، فرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفرس لأبي بكر ، وفرس لعمر بن الخطاب ، وفرس لأبي قتادة ، وفرس لسعيد بن زيد ، وفرس للمقداد بن الأسود ، وفرس للحباب بن المنذر ، وفرس للزبير بن العوام ، وفرس لعباد بن بشر . [ ص: 338 ]
وحمل لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وخرج المسلمون بتجارات لهم إلى بدر فربحت ربحا كثيرا .
قال عثمان بن عفان رضي الله عنه : ربحت للدينار دينارا .
فانتهوا إلى بدر ليلة هلال ذي القعدة ، وقام السوق صبيحة الهلال ، فأقاموا ثمانية أيام ، والسوق قائمة ، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على بدر ينتظر أبا سفيان لميعاده .
فأتاه مخشي بن عمرو الضمري ، وهو الذي كان وادعه على بني ضمرة في غزوة ودان ، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر أهل الموسم ، فقال : يا محمد ، لقد أخبرنا أنه لم يبق منكم أحد ، فما أعلمكم إلا أهل الموسم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإن شئت مع ذلك رددنا ما كان بيننا وبينك ، فقال : لا والله ما لنا بذلك من حاجة ، بل نكف أيدينا عنكم ، ونتمسك بحلفك .
وقال أبو سفيان لقريش : قد بعثنا نعيم بن مسعود لأن يخذل أصحاب محمد عن الخروج ، وهو جاهد ، ولكن نخرج نحن فنسير ليلة أو ليلتين ثم نرجع ، فإن كان محمد لم يخرج بلغه أنا خرجنا فرجعنا ، لأنه لم يخرج ، فيكون هذا لنا عليه ، وإن كان خرج أظهرنا أن هذا عام جدب ، ولا يصلحنا إلا عام عشب . قالوا : نعم ما رأيت . فخرج في قريش وهم ألفان ومعهم خمسون فرسا ، حتى انتهوا إلى مجنة من ناحية الظهران ، ثم قال : ارجعوا لا يصلحنا إلا عام خصب غيداق ، نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن ، وإن عامكم هذا عام جدب ، وإني راجع فارجعوا ، فسمى أهل مكة ذلك الجيش «جيش السويق» ، ويقولون : خرجوا يشربون السويق .
وانطلق معبد بن أبي معبد الخزاعي سريعا ، بعد انقضاء الموسم إلى مكة ، فأخبر بكثرة المسلمين ، وأنهم أهل ذلك الموسم ، وأنهم ألفان ، وأخبر بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للضمري ، فقال صفوان بن أمية لأبي سفيان : قد والله نهيتك يومئذ أن تعد القوم ، وقد اجترأوا علينا ، ورأوا أنا قد أخلفناهم ، وإنما خلفنا الضعف عنهم ، وأخذوا في الكيد والنفقة في قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستجلبوا من حولهم من العرب ، وجمعوا الأموال وضربوا البعث على أهل مكة ، فلم يترك أحد منهم إلا أن يأتي بمال ، ولم يقبل من أحد منهم أقل من أوقية لغزو الخندق .
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة . [ ص: 339 ]


