قوله تعالى : ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان  
 قوله تعالى : ولمن خاف مقام ربه  فيه مسألتان : 
الأولى : لما ذكر أحوال أهل النار ذكر ما أعد للأبرار . والمعنى خاف مقامه بين يدي ربه للحساب فترك المعصية . ف " مقام " مصدر بمعنى القيام . وقيل : خاف قيام ربه عليه أي إشرافه واطلاعه عليه ، بيانه قوله تعالى : أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت    . وقال مجاهد   وإبراهيم النخعي     : هو الرجل يهم بالمعصية  فيذكر الله فيدعها من خوفه . 
الثانية : هذه الآية دليل على أن من قال لزوجه : إن لم أكن من أهل الجنة فأنت طالق  أنه لا يحنث إن كان هم بالمعصية وتركها خوفا من الله وحياء منه . وقال به  سفيان الثوري  وأفتى به . وقال محمد بن علي الترمذي    : جنة لخوفه من ربه ، وجنة لتركه شهوته . وقال ابن عباس    : من خاف مقام ربه بعد أداء الفرائض   . وقيل : المقام الموضع ، أي خاف مقامه بين يدي ربه للحساب كما تقدم ويجوز أن يكون المقام للعبد ثم يضاف إلى الله ، وهو كالأجل في قوله : فإذا جاء أجلهم وقوله في موضع آخر : إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر    . 
جنتان   [ ص: 161 ] أي لمن خاف جنتان على حدة ، فلكل خائف جنتان . وقيل : جنتان لجميع الخائفين ، والأول أظهر . وروي عن ابن عباس  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : الجنتان بستانان في عرض الجنة كل بستان مسيرة مائة عام في وسط كل بستان دار من نور وليس منها شيء إلا يهتز نغمة وخضرة ، قرارها ثابت وشجرها ثابت ذكره المهدوي  والثعلبي  أيضا من حديث  أبي هريرة    . وقيل : إن الجنتين جنته التي خلقت له وجنة ورثها . وقيل : إحدى الجنتين منزله والأخرى منزل أزواجه كما يفعله رؤساء الدنيا . وقيل : إن إحدى الجنتين مسكنه والأخرى بستانه . وقيل : إن إحدى الجنتين أسافل القصور والأخرى أعاليها . وقال مقاتل    : هما جنة عدن وجنة النعيم . وقال الفراء    : إنما هي جنة واحدة ، فثنى لرءوس الآي . وأنكر القتبي  هذا وقال : لا يجوز أن يقال خزنة النار عشرون إنما قال تسعة عشر لمراعاة رءوس الآي . وأيضا قال : ذواتا أفنان    . وقال  أبو جعفر النحاس    : قال الفراء  قد تكون جنة فتثنى في الشعر ، وهذا القول من أعظم الغلط على كتاب الله عز وجل ، يقول الله عز وجل : جنتان ويصفهما بقوله : فيهما فيدع الظاهر ويقول : يجوز أن تكون جنة ويحتج بالشعر ! وقيل : إنما كانتا اثنتين ليضاعف له السرور بالتنقل من جهة إلى جهة . وقيل : نزلت في أبي بكر الصديق  رضي الله عنه خاصة حين ذكر ذات يوم الجنة حين أزلفت والنار حين برزت ؛ قاله عطاء   وابن شوذب    . وقال الضحاك    : بل شرب ذات يوم لبنا على ظمإ فأعجبه ، فسأل عنه فأخبر أنه من غير حل فاستقاءه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ، فقال : رحمك الله لقد أنزلت فيك آية وتلا عليه هذه الآية . 
				
						
						
