nindex.php?page=treesubj&link=29042قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا
فيه أربع مسائل :
الأولى : دعا عليهم حين يئس من اتباعهم إياه . وقال
قتادة : دعا عليهم بعد أن أوحى الله إليه :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=36أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فأجاب الله دعوته وأغرق أمته ; وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831478 " اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وزلزلهم " . وقيل : سبب دعائه أن رجلا من قومه حمل ولدا صغيرا على كتفه فمر
بنوح فقال : ( احذر هذا فإنه يضلك ) . فقال : يا أبت أنزلني ; فأنزله فرماه فشجه ; فحينئذ غضب ودعا عليهم . وقال
محمد بن كعب ومقاتل والربيع وعطية وابن زيد : إنما قال هذا حينما أخرج الله كل مؤمن من
[ ص: 286 ] أصلابهم وأرحام نسائهم . وأعقم أرحام النساء وأصلاب الرجال قبل العذاب بسبعين سنة . وقيل : بأربعين . قال
قتادة : ولم يكن فيهم صبي وقت العذاب . وقال
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية : لو أهلك الله أطفالهم معهم كان عذابا من الله لهم وعدلا فيهم ; ولكن الله أهلك أطفالهم وذريتهم بغير عذاب ، ثم أهلكهم بالعذاب ; بدليل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=37وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم .
الثانية : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : " دعا
نوح على الكافرين أجمعين ، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم على من تحزب على المؤمنين وألب عليهم . وكان هذا أصلا في
nindex.php?page=treesubj&link=19740_32079الدعاء على الكافرين في الجملة ، فأما
nindex.php?page=treesubj&link=19060كافر معين لم تعلم خاتمته فلا يدعى عليه ; لأن مآله عندنا مجهول ، وربما كان عند الله معلوم الخاتمة بالسعادة . وإنما خص النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء
عتبة وشيبة وأصحابهما ; لعلمه بمآلهم وما كشف له من الغطاء عن حالهم . والله أعلم " .
قلت : قد مضت هذه المسألة مجودة في سورة " البقرة " والحمد لله .
الثالثة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : " إن قيل لم
nindex.php?page=treesubj&link=31831جعل نوح دعوته على قومه سببا لتوقفه عن طلب الشفاعة للخلق من الله في الآخرة ؟ قلنا : قال الناس في ذلك وجهان : أحدهما أن تلك الدعوة نشأت عن غضب وقسوة ; والشفاعة تكون عن رضا ورقة ، فخاف أن يعاتب ويقال : دعوت على الكفار بالأمس وتشفع لهم اليوم . الثاني أنه دعا غضبا بغير نص ولا إذن صريح في ذلك ; فخاف الدرك فيه يوم القيامة ; كما قال
موسى عليه السلام : ( إني قتلت نفسا لم أومر بقتلها ) . قال : وبهذا أقول والله أعلم " .
قلت : وإن كان لم يؤمر بالدعاء نصا فقد قيل له :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=36أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن . فأعلم عواقبهم فدعا عليهم بالهلاك ; كما
nindex.php?page=hadith&LINKID=865343دعا نبينا صلى الله عليه وسلم على شيبة وعتبة ونظرائهم فقال : " اللهم عليك بهم " لما أعلم عواقبهم ; وعلى هذا يكون فيه معنى الأمر بالدعاء . والله أعلم .
الرابعة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا [ ص: 287 ] أي من يسكن الديار ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . وأصله ديوار على فيعال من دار يدور ; فقلبت الواو ياء وأدغمت إحداهما في الأخرى . مثل القيام ; أصله قيوام . ولو كان فعالا لكان دوارا . وقال
القتبي : أصله من الدار ; أي نازل بالدار . يقال : ما بالدار ديار ; أي أحد . وقيل : الديار صاحب الدار .
nindex.php?page=treesubj&link=29042قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : دَعَا عَلَيْهِمْ حِينَ يَئِسَ مِنَ اتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : دَعَا عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=36أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَأَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَهُ وَأَغْرَقَ أُمَّتَهُ ; وَهَذَا كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831478 " اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ ، سَرِيعَ الْحِسَابِ ، وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ ، اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ " . وَقِيلَ : سَبَبُ دُعَائِهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ حَمَلَ وَلَدًا صَغِيرًا عَلَى كَتِفِهِ فَمَرَّ
بِنُوحٍ فَقَالَ : ( احْذَرْ هَذَا فَإِنَّهُ يُضِلُّكَ ) . فَقَالَ : يَا أَبَتِ أَنْزِلْنِي ; فَأَنْزَلَهُ فَرَمَاهُ فَشَجَّهُ ; فَحِينَئِذٍ غَضِبَ وَدَعَا عَلَيْهِمْ . وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَمُقَاتِلٌ وَالرَّبِيعُ وَعَطِيَّةُ وَابْنُ زَيْدٍ : إِنَّمَا قَالَ هَذَا حِينَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ كُلَّ مُؤْمِنٍ مِنْ
[ ص: 286 ] أَصْلَابِهِمْ وَأَرْحَامِ نِسَائِهِمْ . وَأَعْقَمَ أَرْحَامَ النِّسَاءِ وَأَصْلَابَ الرِّجَالِ قَبْلَ الْعَذَابِ بِسَبْعِينَ سَنَةً . وَقِيلَ : بِأَرْبَعِينَ . قَالَ
قَتَادَةُ : وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ صَبِيٌّ وَقْتَ الْعَذَابِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ : لَوْ أَهْلَكَ اللَّهُ أَطْفَالَهُمْ مَعَهُمْ كَانَ عَذَابًا مِنَ اللَّهِ لَهُمْ وَعَدْلًا فِيهِمْ ; وَلَكِنَّ اللَّهَ أَهْلَكَ أَطْفَالَهُمْ وَذُرِّيَّتَهُمْ بِغَيْرِ عَذَابٍ ، ثُمَّ أَهْلَكَهُمْ بِالْعَذَابِ ; بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=37وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ .
الثَّانِيَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : " دَعَا
نُوحٌ عَلَى الْكَافِرِينَ أَجْمَعِينَ ، وَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ تَحَزَّبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّبَ عَلَيْهِمْ . وَكَانَ هَذَا أَصْلًا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=19740_32079الدُّعَاءِ عَلَى الْكَافِرِينَ فِي الْجُمْلَةِ ، فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=19060كَافِرٌ مُعَيَّنٌ لَمْ تُعْلَمْ خَاتِمَتُهُ فَلَا يُدْعَى عَلَيْهِ ; لِأَنَّ مَآلَهُ عِنْدَنَا مَجْهُولٌ ، وَرُبَّمَا كَانَ عِنْدَ اللَّهِ مَعْلُومَ الْخَاتِمَةِ بِالسَّعَادَةِ . وَإِنَّمَا خَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدُّعَاءِ
عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ وَأَصْحَابَهُمَا ; لِعِلْمِهِ بِمَآلِهِمْ وَمَا كُشِفَ لَهُ مِنَ الْغِطَاءِ عَنْ حَالِهِمْ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ " .
قُلْتُ : قَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُجَوَّدَةً فِي سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .
الثَّالِثَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : " إِنْ قِيلَ لِمَ
nindex.php?page=treesubj&link=31831جَعَلَ نُوحٌ دَعْوَتَهُ عَلَى قَوْمِهِ سَبَبًا لِتَوَقُّفِهِ عَنْ طَلَبِ الشَّفَاعَةِ لِلْخَلْقِ مِنَ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ ؟ قُلْنَا : قَالَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ تِلْكَ الدَّعْوَةَ نَشَأَتْ عَنْ غَضَبٍ وَقَسْوَةٍ ; وَالشَّفَاعَةُ تَكُونُ عَنْ رِضًا وَرِقَّةٍ ، فَخَافَ أَنْ يُعَاتَبَ وَيُقَالَ : دَعَوْتَ عَلَى الْكُفَّارِ بِالْأَمْسِ وَتَشْفَعُ لَهُمُ الْيَوْمَ . الثَّانِي أَنَّهُ دَعَا غَضَبًا بِغَيْرِ نَصٍّ وَلَا إِذْنٍ صَرِيحٍ فِي ذَلِكَ ; فَخَافَ الدَّرْكَ فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; كَمَا قَالَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : ( إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا ) . قَالَ : وَبِهَذَا أَقُولُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ " .
قُلْتُ : وَإِنْ كَانَ لَمْ يُؤْمَرْ بِالدُّعَاءِ نَصًّا فَقَدْ قِيلَ لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=36أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ . فَأُعْلِمَ عَوَاقِبَهُمْ فَدَعَا عَلَيْهِمْ بِالْهَلَاكِ ; كَمَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=865343دَعَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْبَةَ وَعُتْبَةَ وَنُظَرَائِهِمْ فَقَالَ : " اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِهِمْ " لَمَّا أُعْلِمَ عَوَاقِبَهُمْ ; وَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِيهِ مَعْنَى الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا [ ص: 287 ] أَيْ مَنْ يَسْكُنُ الدِّيَارَ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ . وَأَصْلُهُ دَيْوَارٌ عَلَى فَيْعَالٍ مِنْ دَارٍ يَدُورُ ; فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ إِحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى . مِثْلَ الْقِيَامِ ; أَصْلُهُ قِيْوَامٌ . وَلَوْ كَانَ فَعَّالًا لَكَانَ دَوَّارًا . وَقَالَ
الْقُتَبِيُّ : أَصْلُهُ مِنَ الدَّارِ ; أَيْ نَازِلٌ بِالدَّارِ . يُقَالُ : مَا بِالدَّارِ دَيَّارٌ ; أَيْ أَحَدٌ . وَقِيلَ : الدَّيَّارُ صَاحِبُ الدَّارِ .