[ ص: 215 ]  ( ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون    ( 83 ) حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون   ( 84 ) ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون   ( 85 ) ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون   ( 86 ) ) . 
يقول تعالى مخبرا عن يوم القيامة ، وحشر الظالمين المكذبين بآيات الله ورسله إلى بين يدي الله ، عز وجل ، ليسألهم عما فعلوه في الدار الدنيا ، تقريعا وتوبيخا ، وتصغيرا وتحقيرا فقال : ( ويوم نحشر من كل أمة فوجا   ) أي : من كل قوم وقرن فوجا ، أي : جماعة ، ( ممن يكذب بآياتنا   ) ، كما قال تعالى : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم   ) [ الصافات : 22 ] ، وقال تعالى ( وإذا النفوس زوجت   ) [ التكوير : 7 ] . 
وقوله : ( فهم يوزعون   ) قال ابن عباس  ، رضي الله عنهما : يدفعون . وقال قتادة   : وزعة ترد أولهم على آخرهم . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم   : يساقون . 
( حتى إذا جاءوا   ) أي : أوقفوا بين يدي الله عز وجل ، في مقام المساءلة ، ( قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون   ) أي : ويسألون عن اعتقادهم ، وأعمالهم فلما لم يكونوا من أهل السعادة ، وكانوا كما قال الله تعالى عنهم : ( فلا صدق ولا صلى . ولكن كذب وتولى   ) [ القيامة : 31 ، 32 ] ، فحينئذ قامت عليهم الحجة ، ولم يكن لهم عذر يعتذرون به ، كما قال تعالى : ( هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون . ويل يومئذ للمكذبين   ) [ المرسلات : 35 ، 37 ] ، وهكذا قال هاهنا : ( ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون   ) أي : بهتوا فلم يكن لهم جواب ; لأنهم كانوا في الدار الدنيا ظلمة لأنفسهم ، وقد ردوا إلى عالم الغيب والشهادة الذي لا تخفى عليه خافية . 
ثم قال تعالى منبها على قدرته التامة ، وسلطانه العظيم ، وشأنه الرفيع الذي تجب طاعته والانقياد لأوامره ، وتصديق أنبيائه فيما جاءوا به من الحق الذي لا محيد عنه ، فقال ( ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه   ) أي : فيه ظلام تسكن بسببه حركاتهم ، وتهدأ أنفاسهم ، ويستريحون من نصب التعب في نهارهم . ( والنهار مبصرا   ) أي : منيرا مشرقا ، فبسبب ذلك يتصرفون في المعايش والمكاسب ، والأسفار والتجارات ، وغير ذلك من شئونهم التي يحتاجون إليها ، ( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون   ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					