( إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين    ( 76 ) وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين   ( 77 ) ) . 
 [ ص: 253 ] قال الأعمش  ، عن  المنهال بن عمرو  ، عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس  قال : ( إن قارون كان من قوم موسى   ) ، قال : كان ابن عمه . وهكذا قال  إبراهيم النخعي  ،  وعبد الله بن الحارث بن نوفل  ،  وسماك بن حرب  ، وقتادة  ،  ومالك بن دينار  ،  وابن جريج ،  وغيرهم : أنه كان ابن عم موسى ،  عليه السلام . 
قال  ابن جريج   : هو قارون بن يصهر بن قاهث  ، وموسى بن عمران بن قاهث   . 
وزعم محمد بن إسحاق بن يسار   : أن قارون  كان عم موسى  ، عليه السلام . 
قال ابن جرير   : وأكثر أهل العلم على أنه كان ابن عمه ، والله أعلم . وقال قتادة بن دعامة   : كنا نحدث أنه كان ابن عم موسى ،  وكان يسمى المنور لحسن صوته بالتوراة ، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري  ، فأهلكه البغي لكثرة ماله . 
وقال  شهر بن حوشب   : زاد في ثيابه شبرا طولا ترفعا على قومه . 
وقوله : ( وآتيناه من الكنوز    ) أي : [ من ] الأموال ( ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة   ) أي : ليثقل حملها الفئام من الناس لكثرتها . 
قال الأعمش  ، عن  خيثمة   : كانت مفاتيح كنوز قارون  من جلود ، كل مفتاح مثل الأصبع ، كل مفتاح على خزانة على حدته ، فإذا ركب حملت على ستين بغلا أغر محجلا . وقيل : غير ذلك ، والله أعلم . 
وقوله : ( إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين   ) أي : وعظه فيما هو فيه صالح قومه ، فقالوا على سبيل النصح والإرشاد : لا تفرح بما أنت فيه ، يعنون : لا تبطر بما أنت فيه من الأموال ( إن الله لا يحب الفرحين   ) قال ابن عباس   : يعني المرحين . وقال مجاهد   : يعني الأشرين البطرين ، الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم . 
وقوله : ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا   ) أي : استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة ، في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات ، التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة . ( ولا تنس نصيبك من الدنيا   ) أي : مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح ، فإن لربك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا ، ولأهلك عليك  [ ص: 254 ] حقا ، ولزورك عليك حقا ، فآت كل ذي حق حقه . 
( وأحسن كما أحسن الله إليك   ) أي : أحسن إلى خلقه كما أحسن هو إليك ( ولا تبغ الفساد في الأرض   ) أي : لا تكن همتك بما أنت فيه أن تفسد به الأرض ، وتسيء إلى خلق الله ( إن الله لا يحب المفسدين   ) . 
				
						
						
