( وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون    ( 16 ) إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون   ( 17 ) وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين   ( 18 ) ) . 
يخبر تعالى عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم  إمام الحنفاء : أنه دعا قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، والإخلاص له في التقوى ، وطلب الرزق منه وحده لا شريك له ، وتوحيده في الشكر ، فإنه المشكور على النعم ، لا مسدي لها غيره ، فقال لقومه : ( اعبدوا الله واتقوه   ) أي : أخلصوا له العبادة والخوف ، ( ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون   ) أي : إذا فعلتم ذلك حصل لكم الخير في الدنيا والآخرة ، واندفع عنكم الشر في الدنيا والآخرة . 
ثم أخبرهم أن الأصنام التي يعبدونها والأوثان ، لا تضر ولا تنفع ، وإنما اختلقتم أنتم لها أسماء ، سميتموها آلهة ، وإنما هي مخلوقة مثلكم . هكذا روى العوفي  عن ابن عباس   . وبه قال مجاهد  ،  والسدي   . 
وروى الوالبي  ، عن ابن عباس   : وتصنعون إفكا ، أي : تنحتونها أصناما . وبه قال مجاهد - في رواية - وعكرمة  ، والحسن  ، وقتادة  وغيرهم ، واختاره ابن جرير  ، رحمه الله . 
وهي لا تملك لكم رزقا ، ( فابتغوا عند الله الرزق   ) وهذا أبلغ في الحصر ، كقوله : ( إياك نعبد وإياك نستعين   ) [ الفاتحة : 5 ] ، ( رب ابن لي عندك بيتا في الجنة   ) [ التحريم : 11 ] ، ولهذا قال : ( فابتغوا   ) أي : فاطلبوا ( عند الله الرزق   ) أي : لا عند غيره ، فإن غيره لا يملك شيئا ، ( واعبدوه واشكروا له   ) أي : كلوا من رزقه واعبدوه وحده ، واشكروا له على ما أنعم به عليكم ، ( إليه ترجعون   ) أي : يوم القيامة ، فيجازي كل عامل بعمله . 
وقوله : ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم   ) أي : فبلغكم ما حل بهم من العذاب والنكال في مخالفة الرسل ، ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين   ) يعني : إنما على الرسول أن يبلغكم ما أمره الله تعالى  [ ص: 270 ] به من الرسالة ، والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ، فاحرصوا لأنفسكم أن تكونوا من السعداء . 
وقال قتادة  في قوله : ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم   ) قال : يعزي نبيه - صلى الله عليه وسلم - . وهذا من قتادة  يقتضي أنه قد انقطع الكلام الأول ، واعترض بهذا إلى قوله : ( فما كان جواب قومه   ) . وهكذا نص على ذلك ابن جرير  أيضا . 
والظاهر من السياق أن كل هذا من كلام إبراهيم  الخليل ، عليه السلام [ لقومه ] يحتج عليهم لإثبات المعاد ، لقوله بعد هذا كله : ( فما كان جواب قومه   ) ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					