[ ص: 276 ]  ( ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين    ( 28 ) أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين   ( 29 ) قال رب انصرني على القوم المفسدين   ( 30 ) ) 
يقول تعالى مخبرا عن نبيه لوط  عليه السلام ، إنه أنكر على قومه سوء صنيعهم ، وما كانوا يفعلونه من قبيح الأعمال ، في إتيانهم الذكران من العالمين ، ولم يسبقهم إلى هذه الفعلة أحد من بني آدم قبلهم . وكانوا مع هذا يكفرون بالله ، ويكذبون رسوله ويخالفونه ويقطعون السبيل ، أي : يقفون في طريق الناس يقتلونهم ويأخذون أموالهم ، ( وتأتون في ناديكم المنكر   ) أي : يفعلون ما لا يليق من الأقوال والأفعال في مجالسهم التي يجتمعون فيها ، لا ينكر بعضهم على بعض شيئا من ذلك ، فمن قائل : كانوا يأتون بعضهم بعضا في الملأ قاله مجاهد   . ومن قائل : كانوا يتضارطون ويتضاحكون ; قالته عائشة ،  رضي الله عنها ، والقاسم   . ومن قائل : كانوا يناطحون بين الكباش ، ويناقرون بين الديوك ، وكل ذلك كان يصدر عنهم ، وكانوا شرا من ذلك . 
وقال  الإمام أحمد   : حدثنا  حماد بن أسامة  ، أخبرني حاتم بن أبي صغيرة  ، حدثنا  سماك بن حرب  ، عن  أبي صالح - مولى أم هانئ -  عن أم هانئ  قالت : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله عز وجل : ( وتأتون في ناديكم المنكر   ) ، قال :  " يحذفون أهل الطريق ، ويسخرون منهم ، وذلك المنكر الذي كانوا يأتونه "  . 
ورواه الترمذي  ،  وابن جرير  ،  وابن أبي حاتم  من حديث  أبي أسامة حماد بن أسامة  عن أبي يونس القشيري حاتم بن أبي صغيرة  به . ثم قال الترمذي   : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث حاتم بن أبي صغيرة  عن سماك   . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا الحسن بن عرفة  ، حدثنا محمد بن كثير  ، عن عمرو بن قيس  ، عن الحكم  ، عن مجاهد   : ( وتأتون في ناديكم المنكر   ) قال : الصفير ، ولعب الحمام والجلاهق ، والسؤال في المجلس ، وحل أزرار القباء . 
وقوله : ( فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين   ) ، وهذا من كفرهم واستهزائهم وعنادهم ; ولهذا استنصر عليهم نبي الله فقال : ( رب انصرني على القوم المفسدين   ) . 
				
						
						
