( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا  وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون   ( 41 ) إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم   ( 42 ) وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون   ( 43 ) ) 
هذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ، يرجون نصرهم ورزقهم ، ويتمسكون بهم في الشدائد ، فهم في ذلك كبيت العنكبوت في ضعفه ووهنه فليس في أيدي هؤلاء من آلهتهم إلا كمن يتمسك ببيت العنكبوت ، فإنه لا يجدي عنه شيئا ، فلو علموا هذا الحال لما اتخذوا من دون الله أولياء ، وهذا بخلاف المسلم المؤمن قلبه لله ، وهو مع ذلك يحسن العمل في اتباع الشرع فإنه مستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها ، لقوتها وثباتها . 
ثم قال تعالى متوعدا لمن عبد غيره وأشرك به : إنه تعالى يعلم ما هم عليه من الأعمال ، ويعلم ما يشركون به من الأنداد ، وسيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم . 
ثم قال تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون    ) أي : وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم المتضلعون منه . 
قال  الإمام أحمد   : حدثنا إسحاق بن عيسى  ، حدثني ابن لهيعة  ، عن  أبي قبيل  ، عن عمرو بن العاص  ، رضي الله عنه ، قال : عقلت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف مثل  . 
وهذه منقبة عظيمة  لعمرو بن العاص   - رضي الله عنه - حيث يقول [ الله ] تعالى :  [ ص: 280 ]  ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون   ) . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا علي بن الحسين  ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن  ، حدثنا أبي  ، حدثنا ابن سنان  ، عن عمرو بن مرة  قال : ما مررت بآية من كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنني ، لأني سمعت الله تعالى يقول : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون   )  . 
				
						
						
