[ ص: 551 ]  ( جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير    ( 33 ) وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور   ( 34 ) الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب   ( 35 ) ) . 
يخبر تعالى أن مأوى هؤلاء المصطفين من عباده ، الذين أورثوا الكتاب المنزل من رب العالمين يوم القيامة ( جنات عدن   ) أي : جنات الإقامة يدخلونها يوم معادهم وقدومهم على ربهم ، عز وجل ، ( يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا   ) ، كما ثبت في الصحيح عن  أبي هريرة  رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :  " تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء "  . 
( ولباسهم فيها حرير   ) ولهذا كان محظورا عليهم في الدنيا ، فأباحه الله لهم في الدار الآخرة ، وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة " . وقال : " [ لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ] هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة "  . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا عمرو بن سواد السرحي  ، أخبرنا ابن وهب  ، عن ابن لهيعة  ، عن  عقيل بن خالد  ، عن الحسن ،  عن  أبي هريرة  ، رضي الله عنه; أن أبا أمامة  حدث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم ، وذكر حلي أهل الجنة فقال :  " مسورون بالذهب والفضة ، مكللة بالدر ، وعليهم أكاليل من در وياقوت متواصلة ، وعليهم تاج كتاج الملوك ، شباب جرد مرد مكحلون "  . 
( وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن   ) وهو الخوف من المحذور ، أزاحه عنا ، وأراحنا مما كنا نتخوفه ، ونحذره من هموم الدنيا والآخرة . 
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم  ، عن أبيه ، عن ابن عمر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  " ليس على أهل " لا إله إلا الله " وحشة في قبورهم ولا في منشرهم ، وكأني بأهل " لا إله إلا الله " ينفضون التراب عن رءوسهم ، ويقولون : ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن   ) رواه ابن أبي حاتم  من حديثه . 
وقال  الطبراني   : حدثنا  جعفر بن محمد الفريابي  ، حدثنا يحيى بن موسى المروزي  ، حدثنا سليمان بن عبد الله بن وهب الكوفي  ، عن عبد العزيز بن حكيم  ، عن ابن عمر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " ليس على أهل " لا إله إلا الله " وحشة في الموت ولا في قبورهم ولا في النشور . وكأني أنظر إليهم عند الصيحة ينفضون رءوسهم من التراب ، يقولون : ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور ) 
 [ ص: 552 ] قال ابن عباس  ، وغيره : غفر لهم الكثير من السيئات ، وشكر لهم اليسير من الحسنات . 
( الذي أحلنا دار المقامة من فضله   ) : يقولون : الذي أعطانا هذه المنزلة ، وهذا المقام من فضله ومنه ورحمته ، لم تكن أعمالنا تساوي ذلك . كما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة " . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : " ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل "  . 
( لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب   ) أي : لا يمسنا فيها عناء ولا إعياء . 
والنصب واللغوب : كل منهما يستعمل في التعب ، وكأن المراد ينفي هذا وهذا عنهم أنهم لا تعب على أبدانهم ولا أرواحهم ، والله أعلم . فمن ذلك أنهم كانوا يدئبون أنفسهم في العبادة في الدنيا ، فسقط عنهم التكليف بدخولها ، وصاروا في راحة دائمة مستمرة ، قال الله تعالى : ( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية   ) [ الحاقة : 24 ] . 
				
						
						
