القول في تأويل قوله تعالى ( وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره : " وباءوا بغضب من الله " ، وتحملوا غضب الله فانصرفوا به مستحقيه . وقد بينا أصل ذلك بشواهده ، ومعنى "المسكنة " وأنها ذل الفاقة والفقر وخشوعهما ، ومعنى : "الغضب من الله " فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وقوله : " ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله " ، يعني جل ثناؤه بقوله : "ذلك " ، أي بوءهم الذي باءوا به من غضب الله ، وضرب الذلة عليهم ، بدل مما كانوا [ ص: 117 ] يكفرون بآيات الله يقول : مما ، وما فرض عليهم من فرائضه " كانوا يجحدون أعلام الله وأدلته على صدق أنبيائه ويقتلون الأنبياء بغير حق " ، يقول : وبما كانوا يقتلون أنبياءهم ورسل الله إليهم ، اعتداء على الله وجرأة عليه بالباطل ، وبغير حق استحقوا منهم القتل .
قال أبو جعفر : فتأويل الكلام : ألزموا الذلة بأي مكان لقوا ، إلا بذمة من الله وذمة من الناس ، وانصرفوا بغضب من الله متحمليه ، وألزموا ذل الفاقة وخشوع الفقر ، بدلا مما كانوا يجحدون بآيات الله وأدلته وحججه ، ويقتلون أنبياءه بغير حق ظلما واعتداء .