[ ص: 369 ] القول في تأويل قوله ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين    ( 164 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني بذلك : لقد تطول الله على المؤمنين" إذ بعث فيهم رسولا   " ، حين أرسل فيهم رسولا" من أنفسهم" ، نبيا من أهل لسانهم ، ولم يجعله من غير أهل لسانهم فلا يفقهوا عنه ما يقول" يتلو عليهم آياته   " ، يقول : يقرأ عليهم آي كتابه وتنزيله" ويزكيهم" ، يعني : يطهرهم من ذنوبهم باتباعهم إياه وطاعتهم له فيما أمرهم ونهاهم" ويعلمهم الكتاب والحكمة   " ، يعني : ويعلمهم كتاب الله الذي أنزله عليه ، ويبين لهم تأويله ومعانيه"والحكمة" ، ويعني بالحكمة ، السنة التي سنها الله جل ثناؤه للمؤمنين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبيانه لهم" وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين   " ، يعني : وإن كانوا من قبل أن يمن الله عليهم بإرساله رسوله الذي هذه صفته"لفي ضلال مبين" ، يقول : في جهالة جهلاء ، وفي حيرة عن الهدى عمياء ، لا يعرفون حقا ، ولا يبطلون باطلا . 
وقد بينا أصل"الضلالة" فيما مضى ، وأنه الأخذ على غير هدى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . . 
 [ ص: 370 ] 
و"المبين" ، الذي يبين لمن تأمله بعقله وتدبره بفهمه ، أنه على غير استقامة ولا هدى . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
8177 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم   " ، من الله عليهم من غير دعوة ولا رغبة من هذه الأمة ، جعله الله رحمة لهم ليخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط مستقيم قوله : " ويعلمهم الكتاب والحكمة   " ، الحكمة ، السنة" وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين   " ، ليس والله كما تقول أهل حروراء : "محنة غالبة ، من أخطأها أهريق دمه" ، ولكن الله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم إلى قوم لا يعلمون فعلمهم ، وإلى قوم لا أدب لهم فأدبهم  . 
8178 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة ،  عن ابن إسحاق  قال : " لقد من الله على المؤمنين   " ، إلى قوله : " لفي ضلال مبين   " ، أي : لقد من الله عليكم ، يا أهل الإيمان ، إذ بعث فيكم رسولا من أنفسكم يتلو عليكم آياته ويزكيكم  فيما أحدثتم وفيما عملتم ، ويعلمكم الخير والشر ، لتعرفوا الخير فتعملوا به ، والشر فتتقوه ، ويخبركم برضاه عنكم إذ أطعتموه ، لتستكثروا من طاعته ، وتجتنبوا ما سخط منكم من معصيته ، فتتخلصوا بذلك من نقمته ، وتدركوا بذلك ثوابه من جنته" وإن كنتم من قبل لفي ضلال مبين " ، أي : في عمياء من الجاهلية ، [ ص: 371 ] لا تعرفون حسنة ولا تستغفرون من سيئة ، صم عن الحق ، عمي عن الهدى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					