القول في تأويل قوله تعالى : ( قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين    ( 55 ) قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون   ( 56 ) ) 
يقول تعالى ذكره : قال ضيف إبراهيم  له : بشرناك بحق يقين ، وعلم منا بأن الله قد وهب لك غلاما عليما ، فلا تكن من الذين يقنطون من فضل الله فييأسون منه ، ولكن أبشر بما بشرناك به واقبل البشرى . 
واختلفت القراء في قراءة قوله ( من القانطين   ) فقرأه عامة قراء الأمصار ( من القانطين   ) بالألف . وذكر عن يحيى بن وثاب  أنه كان يقرأ ذلك ( القنطين ) . 
والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قراء الأمصار ، لإجماع الحجة على ذلك ، وشذوذ ما خالفه . 
وقوله : ( قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون   ) يقول تعالى ذكره : قال إبراهيم  للضيف : ومن ييأس من رحمة الله إلا القوم الذين قد أخطئوا سبيل الصواب ، وتركوا قصد السبيل في تركهم رجاء الله ، ولا يخيب من رجاه ، فضلوا بذلك عن دين الله . 
واختلفت القراء في قراءة قوله ( ومن يقنط   ) فقرأ ذلك عامة قراء المدينة  والكوفة   ( ومن يقنط   ) بفتح النون ، إلا الأعمش   والكسائي  فإنهما كسرا النون من ( يقنط ) . فأما الذين فتحوا النون منه ممن ذكرنا فإنهم قرءوا ( من بعد ما قنطوا   ) بفتح القاف والنون . وأما الأعمش  فكان يقرأ ذلك : من بعد ما قنطوا ، بكسر  [ ص: 114 ] النون . وكان الكسائي يقرؤه بفتح النون ، وكان أبو عمرو بن العلاء  يقرأ الحرفين جميعا على النحو الذي ذكرنا من قراءة الكسائي   . 
وأولى القراءات في ذلك بالصواب قراءة من قرأ ( من بعد ما قنطوا   ) بفتح النون ( ومن يقنط   ) بكسر النون ، لإجماع الحجة من القراء على فتحها في قوله ( من بعد ما قنطوا   ) فكسرها في ( ومن يقنط   ) أولى إذا كان مجمعا على فتحها في قنط ، لأن فعل إذا كانت عين الفعل منها مفتوحة ، ولم تكن من الحروف الستة التي هي حروف الحلق ، فإنها تكون في يفعل مكسورة أو مضمومة . فأما الفتح فلا يعرف ذلك في كلام العرب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					