القول في تأويل قوله تعالى : ( قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين    ( 27 ) اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون   ( 28 ) ) 
يقول تعالى ذكره : ( قال ) سليمان  للهدهد : ( سننظر ) فيما اعتذرت به من العذر ، واحتججت به من الحجة لغيبتك عنا ، وفيما جئتنا به من الخير ( أصدقت ) في ذلك كله ( أم كنت من الكاذبين   ) فيه ( اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون   ) 
فاختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ; فقال بعضهم : معناه : اذهب بكتابي هذا ، فألقه إليهم ، فانظر ماذا يرجعون ، ثم تول عنهم منصرفا إلي ، فقال : هو من المؤخر الذي معناه التقديم . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني يونس  ، قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد   : فأجابه سليمان  ، يعني أجاب الهدهد لما فرغ : ( سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم   ) وانظر ماذا يرجعون ، ثم تول عنهم منصرفا إلي . وقال : وكانت لها كوة مستقبلة الشمس ، ساعة تطلع الشمس تطلع فيها فتسجد لها ، فجاء الهدهد حتى وقع فيها فسدها ، واستبطأت الشمس ، فقامت تنظر ، فرمى بالصحيفة إليها من تحت جناحه ، وطار حتى قامت تنظر الشمس . 
قال أبو جعفر   : فهذا القول من قول ابن زيد  يدل على أن الهدهد تولى إلى سليمان  راجعا بعد إلقائه الكتاب ، وأن نظره إلى المرأة ما الذي ترجع وتفعل كان قبل إلقائه كتاب سليمان  إليها .  [ ص: 451 ] 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ، ثم تول عنهم ، فكن قريبا منهم ، وانظر ماذا يرجعون ; قالوا : وفعل الهدهد ، وسمع مراجعة المرأة أهل مملكتها ، وقولها لهم : ( إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم   ) وما بعد ذلك من مراجعة بعضهم بعضا . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن حميد  ، قال : ثنا سلمة  ، عن ابن إسحاق  ، عن بعض أهل العلم ، عن  وهب بن منبه  ، قوله : ( فألقه إليهم ثم تول عنهم   ) أي كن قريبا ( فانظر ماذا يرجعون   ) وهذا القول أشبه بتأويل الآية ; لأن مراجعة المرأة قومها ، كانت بعد أن ألقي إليها الكتاب ، ولم يكن الهدهد لينصرف وقد أمر بأن ينظر إلى مراجعة القوم بينهم ما يتراجعونه قبل أن يفعل ما أمره به سليمان   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					