( فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين     ( 55 ) فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين    ( 56 ) ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون    ( 57 ) وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون    ( 58 ) ) 
( فلما آسفونا    ) أغضبونا ( انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين    ) . ( فجعلناهم سلفا    ) قرأ حمزة   والكسائي    " سلفا " بضم السين واللام ، قال الفراء    : هو جمع سليف من سلف بضم اللام يسلف ، أي تقدم ، وقرأ الآخرون بفتح السين واللام على جمع السالف ، مثل : حارس وحرس وخادم وخدم ، وراصد ورصد ، وهما جميعا الماضون المتقدمون من الأمم ، يقال : سلف يسلف ، إذا تقدم والسلف من تقدم من الآباء ، فجعلناهم متقدمين ليتعظ بهم الآخرون . ( ومثلا للآخرين    ) عبرة وعظة لمن بقي بعدهم . وقيل : سلفا لكفار هذه الأمة إلى النار ومثلا لمن يجيء بعدهم . 
( ولما ضرب ابن مريم مثلا    ) قال ابن عباس  وأكثر المفسرين : إن الآية نزلت في مجادلة عبد الله بن الزبعري  مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن عيسى  عليه السلام ، لما نزل قوله - عز وجل - : " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " ( الأنبياء - 98 ) ، وقد ذكرناه في سورة الأنبياء عليهم السلام . ( إذا قومك منه يصدون    ) قرأ أهل المدينة  والشام   والكسائي    : " يصدون " بضم الصاد ، أي يعرضون ، نظيره قوله تعالى : " يصدون عنك صدودا " ، ( النساء - 61 ) وقرأ الآخرون بكسر الصاد . 
واختلفوا في معناه ، قال الكسائي    : هما لغتان مثل يعرشون ويعرشون ، وشد عليه يشد ويشد ، ونم بالحديث ينم وينم . 
وقال ابن عباس    : معناه يضجون . وقال  سعيد بن المسيب    : يصيحون . وقال الضحاك    : يعجون . وقال قتادة    : يجزعون . وقال القرظي    : يضجرون . ولما ضرب ابن مريم  مثلا إذا قومك منه يصدون يقولون ما يريد محمد  منا إلا أن نعبده ونتخذه إلها كما عبدت النصارى  عيسى    . 
( وقالوا أآلهتنا خير أم هو    ) قال قتادة    : " أم هو " يعنون محمدا  ، فنعبده ونطيعه ونترك آلهتنا . 
وقال  السدي  وابن زيد    : " أم هو " يعني عيسى  ، قالوا : يزعم محمد  أن كل ما عبد من دون الله في النار فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى  وعزير  والملائكة في النار ، وقال الله تعالى : ( ما ضربوه    ) يعني هذا المثل ( لك إلا جدلا    ) خصومة بالباطل وقد علموا أن المراد من قوله : " وما تعبدون من دون الله حصب جهنم    " ( الأنبياء - 98 ) ، هؤلاء الأصنام . ( بل هم قوم خصمون    ) .   [ ص: 219 ] 
أخبرنا أبو سعيد الشريحي  ، أخبرنا  أبو إسحاق الثعلبي  ، أخبرنا أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الله الحمشاوي  ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي  ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، حدثني أبي ، حدثنا  عبد الله بن نمير  ، حدثنا حجاج بن دينار الواسطي  ، عن أبي غالب  عن أبي أمامة  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل " ، ثم قرأ : " ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					