الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في إبطال الميراث بين المسلم والكافر

                                                                                                          2107 حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وغير واحد قالوا حدثنا سفيان عن الزهري ح وحدثنا علي بن حجر أخبرنا هشيم عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان حدثنا الزهري نحوه قال أبو عيسى وفي الباب عن جابر وعبد الله بن عمرو وهذا حديث حسن صحيح هكذا رواه معمر وغير واحد عن الزهري نحو هذا وروى مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وحديث مالك وهم وهم فيه مالك وقد رواه بعضهم عن مالك فقال عن عمرو بن عثمان وأكثر أصحاب مالك قالوا عن مالك عن عمر بن عثمان وعمرو بن عثمان بن عفان هو مشهور من ولد عثمان ولا يعرف عمر بن عثمان والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم واختلف بعض أهل العلم في ميراث المرتد فجعل أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم المال لورثته من المسلمين وقال بعضهم لا يرثه ورثته من المسلمين واحتجوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم لا يرث المسلم الكافر وهو قول الشافعي

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن علي بن حسين ) قال في التقريب : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين ، ثقة ثبت عابد فقيه فاضل مشهور ، قال ابن عيينة عن الزهري : ما رأيت قرشيا أفضل منه من الثالثة انتهى .

                                                                                                          قوله : ( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ) فيه دليل على أن المسلم لا يرث الكافر ولا الكافر المسلم ، وعليه عامة أهل العلم .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن جابر وعبد الله بن عمرو ) أما حديث جابر فأخرجه الترمذي في هذا الباب ، وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه عنه مرفوعا : لا يتوارث [ ص: 240 ] أهل ملتين شيئا ، وأخرجه أيضا الدارقطني وابن السكن وسند أبي داود فيه إلى عمرو بن شعيب صحيح .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) قال الحافظ في التلخيص : هو حديث متفق عليه وأخرجه أصحاب السنن أيضا ، وأغرب ابن تيمية في المنتقى فادعى أن مسلما لم يخرجه وكذا ابن الأثير في الجامع ادعى أن النسائي لم يخرجه انتهى .

                                                                                                          قوله : ( هكذا رواه معمر وغير واحد عن الزهري نحو هذا ) أي رووا عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان بالواو ( وروى مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان ) أي بغير الواو ( وحديث مالك وهم ) أي خطأ ( وهم فيه مالك ) أي أخطأ فيه ( وروى بعضهم عن مالك فقال عن عمرو بن عثمان ) أي بالواو ( وأكثر أصحاب مالك قالوا عن مالك عن عمر بن عثمان ) أي بغير الواو ، قال الحافظ في التقريب : عمر بن عثمان بن عفان في حديث أسامة صوابه عمرو تفرد مالك بقوله عمر وقال في تهذيب التهذيب : عمر بن عثمان بن عفان المدني عن أسامة بن زيد بحديث لا يرث المسلم الكافر ، قاله مالك عن الزهري عن علي بن الحسين عنه ، وقال عامة الرواة عن علي عن عمرو بن عثمان وهو المحفوظ ، وقال في الفتح : اتفق الرواة عن الزهري أن عمرو بن عثمان بفتح أوله وسكون الميم إلا أن مالكا وحده قال عمر بضم أوله وفتح الميم ، وشذت روايات عن غير مالك على وفقه وروايات عن مالك على وفق الجمهور .

                                                                                                          ( وعمرو بن عثمان هو مشهور من ولد عثمان ولا نعرف عمر بن عثمان ) قال الحافظ في تهذيب التهذيب إن لعمر بن عثمان وجودا في الجملة كما قال ابن عبد البر : إن أهل النسب لا يختلفون أن لعثمان ابنا يسمى عمر وآخر يسمى عمرا ، وقد ذكر ابن سعد عمر بن عثمان ، وقال كان قليل الحديث ، وذكر عمرو بن عثمان وقال كان ثقة وله أحاديث ، وذكر الزبير بن بكار أن عثمان لما مات ورثه بنوه عمرو وأبان وعمر وخالد والوليد وسعيد وبناته وزوجتاه ، لكن لا يدل ذلك على أنه روى هذا الحديث عن أسامة بن زيد انتهى .

                                                                                                          [ ص: 241 ] قوله : ( والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم ) قال النووي في شرح مسلم : أجمع المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم ، وأما المسلم فلا يرث الكافر أيضا عند جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، وذهبت طائفة إلى توريث المسلم من الكافر وهو مذهب معاذ بن جبل ومعاوية وسعيد بن المسيب ومسروق وغيرهم ، وروي أيضا عن أبي الدرداء والشعبي والزهري والنخعي نحوه على خلاف بينهم في ذلك والصحيح عن هؤلاء كقول الجمهور ، واحتجوا بحديث : الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، وحجة الجمهور هذا الحديث الصحيح الصريح ولا حجة في حديث الإسلام يعلو ولا يعلى عليه لأن المراد به فضل الإسلام على غيره ولم يتعرض فيه للميراث فكيف يترك به نص حديث : ( لا يرث المسلم الكافر ) ، ولعل هذه الطائفة لم يبلغها هذا الحديث انتهى .

                                                                                                          ( واختلف أهل العلم في ميراث المرتد فجعل بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم المال لورثته من المسلمين إلخ ) قال النووي : والمرتد لا يرث المسلم بالإجماع ، وأما المسلم فلا يرث المرتد عند الشافعي ومالك وربيعة وابن أبي ليلى وغيرهم ، بل يكون ماله فيئا للمسلمين ، وقال أبو حنيفة والكوفيون والأوزاعي وإسحاق : يرثه ورثته من المسلمين ، وروي ذلك عن علي وابن مسعود وجماعة من السلف ، لكن قال الثوري وأبو حنيفة : ما كسبه في ردته فهو لبيت المال ، وما كسبه في الإسلام فهو للمسلمين ، وقال الآخرون : الجميع لورثته من المسلمين انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية