الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2637 حدثنا قتيبة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل قال لأخيه كافر فقد باء به أحدهما هذا حديث حسن صحيح غريب ومعنى قوله باء يعني أقر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أيما رجل قال لأخيه كافر ) بضم الراء على البناء فإنه منادى حذف حرف ندائه كما ذكره ميرك ويؤيده ما جاء في رواية : بالنداء ، ويجوز تنوينه على أنه خبر محذوف تقديره أنت أو هو ( فقد باء به ) أي رجع بتلك المقالة . قال الطيبي : لأنه إذا قال القائل لصاحبه يا كافر مثلا فإن صدق رجع إليه كلمة الكفر الصادر منه مقتضاها ، وإن كذب واعتقد بطلان دين الإسلام رجعت إليه هذه الكلمة . قال النووي : اختلف في تأويل هذا الرجوع ، فقيل رجع عليه الكفر إن كان مستحلا وهذا بعيد من سياق الخبر ، وقيل : محمول على الخوارج ؛ لأنهم يكفرون المؤمنين ، هكذا نقله عياض عن مالك وهو ضعيف ; لأن الصحيح عند الأكثرين أن الخوارج لا يكفرون ببدعتهم . قال الحافظ : ولما قاله مالك وجه وهو أن منهم من يكفر كثيرا من الصحابة لمن شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجنة وبالإيمان فيكون تكفيرهم من حيث تكذيبهم للشهادة المذكورة لا من مجرد صدور التكفير منهم بتأويل والتحقيق أن الحديث سيق لزجر المسلم عن أن يقول ذلك لأخيه المسلم ، وذلك قبل وجود فرقة الخوارج وغيرهم . وقيل : معناه [ ص: 327 ] رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره ، وهذا لا بأس به . وقيل : يخشى عليه أن يئول به ذلك إلى الكفر ، كما قيل : المعاصي بريد الكفر فيخاف على من أدامها وأصر عليها سوء الخاتمة ، وأرجح من الجميع أن من قال ذلك لمن يعرف منه الإسلام ولم يقم له شبهة في زعمه أنه كافر فإنه يكفر بذلك ، فمعنى الحديث : فقد رجع عليه تكفيره فالراجع التكفير لا الكفر ، فكأنه كفر نفسه ؛ لكونه كفر من هو مثله . ومن لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام ، ويؤيده أن في بعض طرقه وجب الكفر على أحدهما .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه أحمد والشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية