الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2701 حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت إن رهطا من اليهود دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليك فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم فقالت عائشة بل عليكم السام واللعنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله قالت عائشة ألم تسمع ما قالوا قال قد قلت عليكم وفي الباب عن أبي بصرة الغفاري وابن عمر وأنس وأبي عبد الرحمن الجهني قال أبو عيسى حديث عائشة حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( السام عليك ) معنى السام الموت وألفه عن واو ( إن الله يحب الرفق ) أي لين الجانب وأصل الرفق ضد العنف ( قد قلت عليكم ) أي فقها لهذا المعنى قال النووي في شرح مسلم : اتفق العلماء على الرد على أهل الكتاب إذا سلموا لكن لا يقال لهم وعليكم السلام بل [ ص: 399 ] يقال : عليكم فقط أو وعليكم وقد جاءت الأحاديث التي ذكرها مسلم عليكم وعليكم بإثبات الواو وحذفها ، وأكثر الروايات بإثباتها ، وعلى هذا في معناه وجهان : أحدهما أنه على ظاهره فقالوا : عليكم الموت ، فقال : وعليكم أيضا أي نحن وأنتم فيه سواء ، وكلنا نموت ، والثاني : أن الواو هاهنا للاستئناف لا للعطف والتشريك وتقديره وعليكم ما تستحقونه من الذم . وأما من حذف الواو فتقديره بل عليكم السام ، قال القاضي : اختار بعض العلماء منهم ابن حبيب المالكي حذف الواو لئلا يقتضي التشريك ، وقال غيره بإثباتها كما هو في أكثر الروايات . قال : وقال بعضهم يقول عليكم السلام بكسر السين أي الحجارة وهذا ضعيف . وقال الخطابي : عامة المحدثين يروون هذا الحرف " وعليكم " بالواو وكان ابن عيينة يرويه بغير واو ، قال الخطابي : وهذا هو الأصوب ؛ لأنه إذا حذف الواو صار كلامهم بعينه مردودا عليهم خاصة وإذا أثبت الواو اقتضى المشاركة معهم فيما قالوه . هذا كلام الخطابي والصواب أن إثبات الواو وحذفها جائزان ، كما صحت به الروايات وأن الواو أجود كما هو في أكثر الروايات ولا مفسدة فيه لأن السام الموت وهو علينا وعليهم ولا ضرر في قوله بالواو .

                                                                                                          واختلف العلماء في رد السلام على الكفار وابتدائهم به . فمذهبنا تحريم ابتدائهم به ووجوب رده عليهم بأن يقول : وعليكم أو عليكم فقط ، ودليلنا في الابتداء قوله -صلى الله عليه وسلم- : لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام ، وفي الرد قوله -صلى الله عليه وسلم- فقولوا : وعليكم ، وبهذا الذي ذكرناه عن مذهبنا قال أكثر العلماء وعامة السلف وذهبت طائفة إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام ، روي ذلك عن ابن عباس وأبي أمامة وابن أبي محيريز وهو وجه لبعض أصحابنا حكاه الماوردي ، لكنه قال : يقول السلام عليك ، ولا يقول : عليكم بالجمع واحتج هؤلاء بعموم الأحاديث ، بإفشاء السلام ، وهي حجة باطلة ؛ لأنه عام مخصوص بحديث : لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أبي بصرة الغفاري وابن عمر وأنس وأبي عبد الرحمن الجهني ) أما حديث أبي بصرة الغفاري فأخرجه النسائي ، وأما حديث ابن عمر ، فأخرجه الترمذي في باب التسليم على أهل الكتاب ، وأما حديث أنس فأخرجه أحمد والشيخان وأبو داود وابن ماجه ، وأما حديث أبي عبد الرحمن الجهني فأخرجه ابن ماجه .

                                                                                                          قوله : ( حديث عائشة حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجه .




                                                                                                          الخدمات العلمية