الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3016 حدثنا عبد بن حميد أخبرنا حبان بن هلال حدثنا همام بن يحيى حدثنا قتادة عن أبي الخليل عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري قال لما كان يوم أوطاس أصبنا نساء لهن أزواج في المشركين فكرههن رجال منا فأنزل الله والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال أبو عيسى هذا حديث حسن

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا قتادة ) بن دعامة ( عن أبي علقمة الهاشمي ) الفارسي المصري مولى بني هاشم ويقال حليف الأنصار ثقة ، وكان قاضي إفريقية من كبار الثالثة .

                                                                                                          قوله : ( لما كان يوم أوطاس ) اسم موضع أو بقعة في الطائف يصرف ولا يصرف ( لهن أزواج في المشركين ) صفة لنساء ( فكرههن ) أي كره وطأهن من أجل أنهن مزوجات والمزوجة لا تحل لغير [ ص: 294 ] زوجها ( منهم ) أي من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي بعض النسخ منا وهو الظاهر . وروى مسلم هذا الحديث بلفظ : أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم حنين بعث جيشا إلى أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا ، فكأن ناسا من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين ( فأنزل الله تعالى والمحصنات بفتح الصاد باتفاق القراء وهو معطوف على " أمهاتكم " أي وحرمت عليكم المحصنات ، أي ذوات الأزواج لأنهن أحصن فروجهن بالتزويج إلا ما ملكت أيمانكم أي أيمانكم : أي ما أخذتم من نساء الكفار بالسبي وزوجها في دار الحرب لوقوع الفرقة بتباين الدارين فتحل للغانم بملك اليمين بعد الاستبراء .

                                                                                                          قال النووي : اعلم أن مذهب الشافعي ومن قال بقوله من العلماء أن المسبية من عبدة الأوثان وغيرهم من الكفار الذين لا كتاب لهم لا يحل وطؤها بملك اليمين حتى تسلم ، فما دامت على دينها فهي محرمة ، وهؤلاء المسبيات كن من مشركي العرب عبدة الأوثان ، فيتأول هذا الحديث وشبهه على أنهن أسلمن ، وهذا التأويل لا بد منه . انتهى . وقال الشوكاني في النيل في باب استبراء الأمة إذا ملكت ما لفظه : ظاهر أحاديث الباب أنه لا يشترط في جواز وطء المسبية الإسلام ولو كان شرط البينة ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولما يبينه ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وذلك وقتها ، ولا سيما وفي المسلمين في يوم حنين وغيره من هو حديث عهد بالإسلام يخفى عليهم مثل هذا الحكم ، وتجويز حصول الإسلام من جميع السبايا وهن في غاية الكثرة بعيد جدا فإن إسلام مثل عدد المسبيات في أوطاس دفعة واحدة من غير إكراه لا يقول بأنه يصح تجويزه عاقل . ومن أعظم المؤيدات لبقاء المسبيات على دينهن ما ثبت من رده ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهن بعد أن جاء إليه جماعة من هوازن وسألوه أن يرد إليهم ما أخذ عليهم منهم من الغنيمة فرد إليهم السبي فقط ، وقد ذهب إلى جواز وطء المسبيات الكافرات بعد الاستبراء المشروع جماعة منهم طاوس وهو الظاهر لما سلف . انتهى .

                                                                                                          ( هذا حديث حسن ) وأخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه .




                                                                                                          الخدمات العلمية