الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3101 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي إسحق عن أبي الخليل كوفي عن علي قال سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت له أتستغفر لأبويك وهما مشركان فقال أوليس استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين قال أبو عيسى هذا حديث حسن قال وفي الباب عن سعيد بن المسيب عن أبيه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن أبي إسحاق ) هو السبيعي ( عن أبي الخليل ) اسمه عبد الله بن الخليل أو ابن أبي الخليل الحضرمي أبو الخليل الكوفي ، مقبول من الثانية . وفرق البخاري وابن حبان بين الراوي عن علي فقال : فيه ابن أبي الخليل ، والراوي عن زيد بن أرقم فقال : فيه ابن الخليل .

                                                                                                          [ ص: 401 ] قوله : ( وهما مشركان ) جملة حالية ( أوليس استغفر إبراهيم لأبيه ) أي أتقول هذا أوليس استغفر إلخ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين : أي لا يصح ولا يجوز لهم أن يستغفروا للمشركين ، وتمام الآية مع تفسيرها هكذا : ولو كانوا : أي المشركون ، أولي قربى أي ذوي قرابة ، من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم : أي النار ، بأن ماتوا على الكفر . وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه بقوله سأستغفر لك ربي ، رجاء أن يسلم فلما تبين له أنه عدو لله بموته على الكفر ، تبرأ منه : وترك الاستغفار له ، إن إبراهيم لأواه كثير التضرع والدعاء . حليم : صبور على الأذى .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه أحمد والنسائي .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن سعيد بن المسيب عن أبيه ) أخرجه أحمد والشيخان عنه : أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي طالب : أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله ، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك فنزلت ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم . قال صاحب فتح البيان : وقد روي في سبب نزول الآية استغفار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي طالب من طرق كثيرة وأصله في الصحيحين ، وما فيهما مقدم على ما لم يكن فيهما على فرض أنه صحيح ، فكيف وهو ضعيف غالبه ، ولا ينافي هذا ما ثبت عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الصحيح : أنه قال يوم أحد حين كسر المشركون رباعيته وشجوا وجهه : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ; لأنه يمكن أن يكون ذلك قبل أن يبلغه تحريم الاستغفار لهم ، وعلى فرض أنه قد كان بلغه كما يفيده سبب النزول ، فإنه قبل أحد بمدة طويلة . فصدور هذا الاستغفار منه إنما كان على سبيل الحكاية عمن تقدمه من الأنبياء كما في صحيح مسلم عن عبد الله قال : كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه ويمسح الدم عن وجهه ويقول : رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية