الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3372 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا مروان بن معاوية عن الأعمش عن ذر عن يسيع عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدعاء هو العبادة ثم قرأ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد رواه منصور والأعمش عن ذر ولا نعرفه إلا من حديث ذر هو ذر بن عبد الله الهمداني ثقة والد عمر بن ذر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن ذر ) بن عبد الله المرهبي ( عن يسيع ) الكندي . قوله : ( الدعاء هو العبادة ) قال ميرك : أتى بضمير الفصل والخبر المعرف باللام ليدل على الحصر في أن العبادة ليست غير الدعاء مبالغة ومعناه أن الدعاء معظم العبادة كما قال صلى الله عليه وسلم : " الحج عرفة " . أي معظم أركان الحج الوقوف بعرفة ، أو المعنى أن الدعاء هو العبادة سواء استجيب أو لم يستجب لأنه إظهار العبد العجز والاحتياج من نفسه والاعتراف بأن الله تعالى قادر على إجابته كريم لا بخل له ولا فقر ولا احتياج له إلى شيء حتى يدخر لنفسه ويمنعه من عباده وهذه الأشياء هي العبادة بل مخها انتهى ثم قرأ : وقال ربكم ادعوني أستجب لكم قيل استدل بالآية على أن الدعاء عبادة ؛ لأنه مأمور به والمأمور به عبادة وقال القاضي : استشهد بالآية لدلالتها على أن المقصود يترتب عليه ترتب الجزاء على الشرط والمسبب على السبب ويكون أتم العبادات ويقرب من هذا قوله : مخ العبادة أي خالصها إن الذين يستكبرون عن عبادتي أي من دعائي كذا فسره الحافظ ابن كثير وغيره من المفسرين سيدخلون جهنم داخرين أي صاغرين ذليلين . قال الشيخ تقي الدين السبكي : الأولى حمل الدعاء في الآية على ظاهره وأما قوله بعد ذلك عن " عبادتي " فوجه الربط أن الدعاء أخص من العبادة فمن استكبر عن العبادة استكبر عن الدعاء ، وعلى هذا ، الوعيد إنما هو في حق من ترك الدعاء استكبارا ومن فعل ذلك كفر ، وأما من تركه لمقصد من المقاصد فلا يتوجه إليه الوعيد المذكور . وإن كنا نرى أن ملازمة الدعاء والاستكثار منه أرجح من الترك لكثرة الأدلة الواردة في الحث عليه انتهى . وقال الطيبي : معنى حديث النعمان أن تحمل العبادة على المعنى اللغوي إذ الدعاء هو إظهار غاية التذلل والافتقار إلى الله والاستكانة له وما شرعت العبادات إلا للخضوع للباري وإظهار الافتقار إليه ولهذا ختم الآية بقوله : إن الذين يستكبرون عن عبادتي حيث عبر عن عدم التذلل والخضوع بالاستكبار ووضع " عبادتي " موضع دعائي وجعل جزاء ذلك الاستكبار الصغار والهوان انتهى . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي [ ص: 221 ] وابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال : صحيح الإسناد وابن أبي شيبة وأخرجه الترمذي أيضا في تفسير سورة البقرة وفي تفسير سورة المؤمن .




                                                                                                          الخدمات العلمية