الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3507 حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني حدثنا صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما مائة غير واحد من أحصاها دخل الجنة هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد المحصي المبدئ المعيد المحيي المميت الحي القيوم الواجد الماجد الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن الوالي المتعالي البر التواب المنتقم العفو الرءوف مالك الملك ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع الغني المغني المانع الضار النافع النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور قال أبو عيسى هذا حديث غريب حدثنا به غير واحد عن صفوان بن صالح ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح وهو ثقة عند أهل الحديث وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا نعلم في كبير شيء من الروايات له إسناد صحيح ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث وقد روى آدم بن أبي إياس هذا الحديث بإسناد غير هذا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيه الأسماء وليس له إسناد صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا إبراهيم بن يعقوب ) الجوزجاني ، ( أخبرنا الولي بن مسلم ) القرشي الدمشقي . قوله : ( هو الله الذي لا إله إلا هو ) الاسم المعدود في هذه الجملة من أسمائه هو الله لا غيره من " هو " و " إله " والجملة تفيد الحصر والتحقيق لإلهيته ونفي ما عداه عنها ، قال الطيبي : الجملة مستأنفة إما بيان لكمية تلك الأعداد أرقاما هي في قوله : إن لله تسعة وتسعين اسما وذكر الضمير نظرا إلى الخبر وإما بيان لكيفية الإحصاء في قوله : ( من أحصاها دخل الجنة ) . فإنه كيف يحصي فالضمير راجع إلى المسمى الدال عليه قوله لله كأنه لما قيل ولله الأسماء الحسنى ، سئل وما تلك الأسماء ؟ فأجيب هو الله أو لما قيل : من أحصاها دخل الجنة ، سئل كيف أحصاها فأجاب : قل هو الله . فعلى هذا الضمير ضمير الشأن مبتدأ والله مبتدأ ثان . وقوله : الذي لا إله إلا هو خبره والجملة خبر الأول والموصول مع الصلة صفة الله انتهى . والله علم دال على المعبود بحق دلالة جامعة لجميع معاني الأسماء الآتية ( الرحمن الرحيم ) هما اسمان مشتقان من الرحمة مثل ندمان ونديم وهما من أبنية المبالغة ورحمان أبلغ من رحيم ، والرحمن خاص لله لا يسمى به غيره ولا يوصف ، [ ص: 339 ] والرحيم يوصف به غير الله تعالى فيقال رجل رحيم ولا يقال رحمان ( الملك ) أي ذو الملك التام والمراد به القدرة على الإيجاد والاختراع من قولهم فلان يملك الانتفاع بكذا إذا تمكن منه فيكون من أسماء الصفات ، وقيل المتصرف في الأشياء بالإيجاد والإفناء والإماتة والإحياء فيكون من أسماء الأفعال كالخالق ( القدوس ) أي الطاهر المنزه من العيوب وفعول من أبنية المبالغة ( السلام ) مصدر نعت به للمبالغة قيل سلامته مما يلحق الخلق من العيب والفناء . والسلام في الأصل السلامة يقال سلم يسلم سلامة وسلاما . ومنه قيل للجنة دار السلام ؛ لأنها دار السلامة من الآفات ، وقيل معناه المسلم عباده عن المهالك ( المؤمن ) أي الذي يصدق عباده وعده فهو من الإيمان التصديق أو يؤمنهم في القيامة من عذابه فهو من الأمان والأمن ضد الخوف كذا في النهاية ( المهيمن ) الرقيب المبالغ في المراقبة والحفظ ومنه هيمن الطائر إذا نشر جناحه على فراخه صيانة لها ، وقيل الشاهد أي العالم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة ، وقيل الذي يشهد على كل نفس بما كسبت ومنه قوله تعالى : ومهيمنا عليه أي شاهدا وقيل القائم بأمور الخلق ، وقيل أصله مؤيمن أبدلت الهاء من الهمزة فهو مفتعل من الأمانة بمعنى الأمين الصادق الوعد ( العزيز ) أي الغالب القوي الذي لا يغلب . والعزة في الأصل القوة والشدة والغلبة ، تقول عز يعز بالكسر إذا صار عزيزا وعز يعز بالفتح إذا اشتد ( الجبار ) عناه الذي يقهر العباد على ما أراد من أمر ونهي ، يقال جبر الخلق وأجبرهم فأجبر أكثر ، وقيل هو العالي فوق خلقه ، وفعال من أبنية المبالغة ومنه قولهم نخلة جبارة وهي العظيمة التي تفوت يد المتناول ( المتكبر ) أي العظيم ذو الكبرياء ، وقيل المتعالي عن صفات الخلق ، وقيل المتكبر على عتاة خلقه ، والتاء فيه للتفرد والتخصيص لا تاء التعاطي والتكلف . والكبرياء العظمة والملك ، وقيل هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود ولا يوصف بها إلا الله تعالى وهو من الكبر وهو العظمة ( الخالق ) أي الذي أوجد الأشياء جميعها بعد أن لم تكن موجودة ، وأصل الخلق التقدير فهو باعتبار تقدير ما منه وجودها وباعتبار الإيجاد على وفق التقدير خالق ( البارئ ) أي الذي خلق الخلق لا عن مثال ، ولهذه اللفظة من الاختصاص بخلق الحيوان ما ليس لها بغيره من المخلوقات وقلما تستعمل في غير الحيوان ، فيقال : برأ الله النسمة وخلق السماوات والأرض ( المصور ) أي الذي صور جميع الموجودات ورتبها فأعطى كل شيء منها صورة خاصة وهيئة منفردة يتميز بها على اختلافها وكثرتها ( الغفار ) قال الجزري في النهاية في أسماء الله : الغفار الغفور وهما من أبنية المبالغة ومعناهما الساتر لذنوب عباده وعيوبهم المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم ، وأصل الغفر التغطية يقال غفر الله لك غفرا وغفرانا ومغفرة ، والمغفرة إلباس الله تعالى العفو المذنبين ( القهار ) أي الغالب جميع الخلائق يقال قهره يقهره قهرا فهو قاهر وقهار للمبالغة ( الوهاب ) الهبة العطية [ ص: 340 ] الخالية عن الأعواض والأغراض فإذا كثرت سمي صاحبها وهابا ( الرزاق ) أي الذي خلق الأرزاق وأعطى الخلائق أرزاقها وأوصلها إليهم ، والأرزاق نوعان ظاهرة للأبدان كالأقوات وباطنة للقلوب والنفوس كالمعارف والعلوم ( الفتاح ) أي الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده ، وقيل معناه الحاكم بينهم ، يقال فتح الحاكم بين الخصمين إذا فصل بينهما ، الفاتح والحاكم والفتاح من أبنية المبالغة ( العليم ) أي العالم المحيط علمه بجميع الأشياء ظاهرها وباطنها دقيقها وجليلها على أتم الإمكان وفعيل من أبنية المبالغة ( القابض ) أي الذي يمسك الرزق وغيره من الأشياء عن العباد بلطفه وحكمته ويقبض الأرواح عند الممات ( الباسط ) أي الذي يبسط الرزق لعباده ويوسعه عليهم بجوده ورحمته ويبسط الأرواح في الأجساد عند الحياة ( الخافض ) أي الذي يخفض الجبارين والفراعنة أي يضعفهم ويهينهم ويخفض كل شيء يريد خفضه ، والخفض ضد الرفع ( الرافع ) أي الذي يرفع المؤمنين بالإسعاد وأولياءه بالتقريب وهو ضد الخفض ( المعز ) الذي يهب العز لمن يشاء من عباده ( المذل ) الذي يلحق الذل بمن يشاء من عباده وينفي عنه أنواع العز جميعها ( السميع ) المدرك لكل مسموع ( البصير ) المدرك لكل مبصر ( الحكم ) أي الحاكم الذي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ( العدل ) أي الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم وهو في الأصل مصدر سمي به فوضع موضع العادل وهو أبلغ منه ؛ لأنه جعل المسمى نفسه عدلا ( اللطيف ) أي الذي اجتمع له الرفق في الفعل والعلم بدقائق المصالح وإيصالها إلى من قدرها له من خلقه ، يقال لطف به وله بالفتح يلطف لطفا إذا رفق به ، فأما لطف بالضم يلطف فمعناه صغر ودق ( الخبير ) أي العالم ببواطن الأشياء من الخبرة وهي العلم بالخفايا الباطن ( الحليم ) الذي لا يستخفه شيء من عصيان العباد ولا يستفزه الغضب عليهم ولكنه جعل لكل شيء مقدارا فهو منته إليه ( العظيم ) أي الذي جاوز قدره وجل عن حدود العقول حتى لا تتصور الإحاطة بكنهه وحقيقته ، والعظم في صفات الأجسام كبر الطول والعرض والعمق والله تعالى جل قدره عن ذلك ( الغفور ) تقدم معناه ( الشكور ) الذي يعطي الثواب الجزيل على العمل القليل أو المثني على عباده المطيعين ( العلي ) فعيل من العلو وهو البالغ في علو الرتبة بحيث لا رتبة إلا وهي منحطة عن رتبته . وقال بعضهم : هو الذي علا عن الإدراك ذاته وكبر عن التصور صفاته ( الكبير ) وضده الصغير يستعملان باعتبار مقادير الأجسام باعتبار الرتب وهو المراد هنا إما باعتبار أنه أكمل الموجودات وأشرفها من حيث إنه قديم أزلي غني على الإطلاق وما سواه حادث مفتقر إليه في الإيجاد والإمداد بالاتفاق . وإما باعتبار أنه كبير عن مشاهدة الحواس وإدراك العقول ( الحفيظ ) أي البالغ في الحفظ يحفظ الموجودات من الزوال [ ص: 341 ] والاختلال مدة ما شاء ( المقيت ) أي الحفيظ ، وقيل المقتدر ، وقيل الذي يعطي أقوات الخلائق وهو من أقاته يقيته إذا أعطاه قوته وهي لغة في قاته يقوته وأقاته أيضا إذا حفظه ( الحسيب ) أي الكافي فعيل بمعنى مفعل من أحسبني الشيء إذا كفاني وأحسبته وحسبته بالتشديد أعطيته ما يرضيه حتى يقول حسبي ، وقيل إنه مأخوذ من الحسبان أي هو المحاسب للخلائق يوم القيامة فعيل بمعنى مفاعل ( الجليل ) أي الموصوف بنعوت الجلال والحاوي جميعها هو الجليل المطلق ( الكريم ) أي كثير الجود والعطاء الذي لا ينفد عطاؤه ولا تفنى خزائنه وهو الكريم المطلق ( الرقيب ) أي الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء فعيل بمعنى فاعل ( المجيب ) أي الذي يقابل الدعاء والسؤال بالقبول والعطاء وهو اسم فاعل من أجاب يجيب ( الواسع ) أي الذي وسع غناه كل فقير ورحمته كل شيء ، يقال وسعه الشيء يسعه سعة فهو واسع ووسع بالضم وساعة فهو وسيع ، والوسع والسعة الجدة والطاقة ( الحكيم ) أي الحاكم بمعنى القاضي فعيل بمعنى فاعل أو هو الذي يحكم الأشياء ويتقنها فهو فعيل بمعنى مفعل ، وقيل الحكيم ذو الحكمة والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم ، ويقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها حكيم ( الودود ) هو فعول بمعنى مفعول من الود والمحبة ، يقال وددت الرجل أوده ودا إذا أحببته ، فالله تعالى مودود أي محبوب في قلوب أوليائه أو هو فعول بمعنى فاعل أي أنه يحب عباده الصالحين بمعنى أنه يرضى عنهم ( المجيد ) هو مبالغة الماجد من المجد وهو سعة الكرم فهو الذي لا تدرك سعة كرمه ( الباعث ) أي الذي يبعث الخلق أي يحييهم بعد الموت يوم القيامة وقيل أي باعث الرسل إلى الأمم ( الشهيد ) أي الذي لا يغيب عنه شيء ، والشاهد الحاضر ، وفعيل من أبنية المبالغة في فاعل ، فإذا اعتبر العلم مطلقا فهو العليم وإذا أضيف إلى الأمور الباطنة فهو الخبير ، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهر فهو الشهيد ، وقد يعتبر مع هذا أن يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم ( الحق ) أي الموجود حقيقة المتحقق وجوده وإلهيته ، والحق ضد الباطل ( الوكيل ) أي القائم بأمور عباده المتكفل بمصالحهم ( القوي ) أي ذو القدرة التامة البالغة إلى الكمال الذي لا يلحقه ضعف ( المتين ) أي القوي الشديد الذي لا يلحقه في أفعاله مشقة ولا كلفة ولا تعب ، والمتانة الشدة والقوة فهو من حيث إنه بالغ القدرة تامها قوي ومن حيث إنه شديد القوة متين ( الولي ) أي الناصر وقيل المتولي لأمور العالم والخلائق القائم بها وقيل المحب لأوليائه ( الحميد ) أي المحمود المستحق للثناء على كل حال ، فعيل بمعنى مفعول ( المحصي ) أي الذي أحصى كل شيء بعلمه وأحاط به فلا يفوته دقيق منها ولا جليل والإحصاء العد والحفظ ( المبدئ ) أي الذي أنشأ الأشياء واخترعها ابتداء من غير سابق مثال ( المعيد ) أي الذي يعيد الخلق [ ص: 342 ] بعد الحياة إلى الممات في الدنيا وبعد الممات إلى الحياة يوم القيامة ( المحيي ) أي معطي الحياة ( المميت ) أي خالق الموت ومسلطه على من شاء ( الحي ) أي الدائم البقاء ( القيوم ) أي القائم بنفسه والمقيم لغيره ( الواجد ) بالجيم أي الغني الذي لا يفتقر وقد وجد يجد جدة أي استغنى غنى لا فقر بعده ، وقيل الذي يجد كل ما يريده ويطلبه ولا يفوته شيء ( الماجد ) بمعنى المجيد لكن المجيد للمبالغة ( الواحد ) أي الفرد الذي لم يزل وحده لم يكن معه آخر ( الصمد ) هو السيد الذي انتهى إليه السؤدد ، وقيل هو الدائم الباقي ، وقيل هو الذي لا جوف له ، وقيل الذي يصمد في الحوائج إليه أي يقصد ( القادر المقتدر ) معناهما ذو القدرة إلا أن المقتدر أبلغ في البناء من معنى التكلف والاكتساب فإن ذلك وإن امتنع في حقه تعالى حقيقة لكنه يفيد المعنى مبالغة ( المقدم ) أي الذي يقدم الأشياء ويضعها في مواضعها فمن استحق التقديم قدمه ( المؤخر ) الذي يؤخر الأشياء فيضعها في مواضعها وهو ضد المقدم ( الأول ) أي الذي لا بداية لأوليته 0 ( الآخر ) أي الباقي بعد فناء خليقته ولا نهاية لآخريته ( الظاهر ) أي الذي ظهر فوق كل شيء وعلا عليه ، وقيل هو الذي عرف بطرق الاستدلال العقلي بما ظهر لهم من آثار أفعاله وأوصافه ( الباطن ) أي المحتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم ( الوالي ) أي مالك الأشياء جميعها المتصرف فيها ( المتعالي ) الذي جل عن إفك المفترين وعلا شأنه ، وقيل جل عن كل وصف وثناء وهو متفاعل من العلو ( البر ) أي العطوف على عباده ببره ولطفه ، والبر بالكسر الإحسان ( التواب ) الذي يقبل توبة عباده مرة بعد أخرى ( المنتقم ) أي المبالغ في العقوبة لمن يشاء وهو مفتعل من نقم ينقم إذا بلغت به الكراهة حد السخط ( العفو ) فعول من العفو وهو الذي يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي وهو أبلغ من الغفور ؛ لأن الغفران ينبئ عن الستر والعفو ينبئ عن المحو ، وأصل العفو المحو والطمس وهو من أبنية المبالغة يقال عفا يعفو عفوا فهو عاف وعفو ( الرءوف ) أي ذو الرأفة وهي شدة الرحمة ( مالك الملك ) أي الذي تنفذ مشيئته في ملكه يجري الأمور فيه على ما يشاء أو الذي له التصرف المطلق ( ذو الجلال والإكرام ) أي ذو العظمة والكبرياء وذو الإكرام لأوليائه بإنعامه عليهم ( المقسط ) أي العادل يقال أقسط يقسط فهو مقسط إذا عدل ، وقسط يقسط فهو قاسط إذا جار ، فكأن الهمزة في " أقسط " للسلب كما يقال شكا إليه فأشكاه ( الجامع ) أي الذي يجمع الخلائق ليوم الحساب ، وقيل هو المؤلف بين المتماثلات والمتباينات والمتضادات في الوجود ( الغني ) أي الذي لا يحتاج إلى أحد في شيء وكل أحد يحتاج إليه وهذا هو الغني المطلق ولا يشارك الله فيه غيره [ ص: 343 ] ( المغني ) أي الذي يغني من يشاء من عباده ( المانع ) أي الذي يمنع عن أهل طاعته ويحوطهم وينصرهم . وقيل يمنع من يريد من خلقه ما يريد ويعطيه ما يريد ( الضار ) أي الذي يضر من يشاء من خلقه حيث هو خالق الأشياء كلها خيرها وشرها ونفعها وضرها ( النافع ) أي الذي يوصل النفع إلى من يشاء من خلقه حيث هو خالق النفع والضر والخير والشر ( النور ) أي الذي يبصر بنوره ذو العماية ويرشد بهداه ذو الغواية ، وقيل هو الظاهر الذي به كل ظهور فالظاهر في نفسه المظهر لغيره يسمى نورا ( الهادي ) أي الذي بصر عباده وعرفهم طريق معرفته حتى أقروا بربوبيته وهدى كل مخلوق إلى ما لا بد له منه في بقائه ودوام وجوده ( البديع ) أي الخالق المخترع لا عن مثال سابق فعيل بمعنى مفعل يقال أبدع فهو مبدع ( الباقي ) أي الدائم الوجود الذي لا يقبل الفناء ( الوارث ) أي الذي يرث الخلائق ويبقى بعد فنائهم ( الرشيد ) أي الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم أي هداهم ودلهم عليها فعيل بمعنى مفعل ، وقيل هو الذي تنساق تدبيراته إلى غاياتها على سنن السداد من غير إشارة مشير ولا تسديد مسدد ( الصبور ) أي الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام وهو من أبنية المبالغة ومعناه قريب من معنى الحليم والفرق بينهما أن المذنب لا يأمن العقوبة في صفة الصبور كما يأمنها في صفة الحليم .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث غريب ) وأخرجه ابن ماجه وابن حبان والحاكم في مستدركه والبيهقي في الدعوات الكبير . قوله : ( ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح وهو ثقة عند أهل الحديث ) قال الحافظ : ولم ينفرد به صفوان فقد أخرجه البيهقي من طريق موسى بن أيوب النصيبي وهو ثقة عن الوليد أيضا وقد اختلف في سنده على الوليد ، ثم ذكر الحافظ الاختلاف وبسط الكلام ههنا 1 ( وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا نعلم في كبير شيء من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث ) المراد بكبير شيء من الروايات أي في كثير منها ، واختلف العلماء في سرد الأسماء هل هو مرفوع أو مدرج في الخبر من بعض الرواة فمشى كثير منهم على الأول واستدلوا به على جواز تسمية الله تعالى بما لم يرد في القرآن بصيغة الاسم ؛ لأن كثيرا من هذه الأسماء كذلك . وذهب آخرون إلى أن التعين مدرج لخلو أكثر الروايات عنه ونقله عبد العزيز النخشبي عن كثير من العلماء . قال الحاكم بعد تخريج الحديث من طريق صفوان بن صالح عن [ ص: 344 ] الوليد بن مسلم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بسياق الأسماء الحسنى ، والعلة فيه عندهما تفرد الوليد بن مسلم قال : ولا أعلم خلافا عند أهل الحديث أن الوليد أوثق وأحفظ وأجل وأعظم من بشر بن شعيب وعلي بن عياش وغيرهما من أصحاب شعيب ، يشير إلى أن بشرا وعليا وأبا اليمان رووه عن شعيب بدون سياق الأسماء فرواية أبي اليمان عند البخاري ورواية علي عند النسائي ورواية بشر عند البيهقي ، قال الحافظ وليست العلة عند الشيخين تفرد الوليد فقط بل الاختلاف فيه والاضطراب وتدليسه واحتمال الإدراج 2 ( وقد روى آدم بن أبي إياس هذا الحديث بإسناد غير هذا إلى قوله وليس له إسناد صحيح ) قال الحافظ في التلخيص بعد نقل كلام الترمذي هذا ما لفظه : الطريق الذي أشار إليها الترمذي رواها الحاكم في المستدرك من طريق عبد العزيز بن الحصين عن أيوب وعن هشام بن حسان جميعا عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة وفيها زيادة ونقصان وقال محفوظ عن أيوب وهشام بدون ذكر الأسامي ، قال الحاكم : وعبد العزيز ، ثقة قال الحافظ بل متفق على ضعفه وهاه البخاري ومسلم وابن معين وقال البيهقي : هو ضعيف عند أهل النقل انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية