[ ص: 543 ] ثم دخلت سنة تسع وخمسين ومائتين  
في يوم الجمعة لأربع بقين من ربيع الآخر رجع أبو أحمد بن المتوكل  من واسط  إلى سامرا ،  وقد استخلف على حرب الخبيث صاحب الزنج محمدا الملقب بالمولد ،  وكان شجاعا شهما . 
وفيها بعث الخليفة إلى كنجور  نائب الكوفة  جماعة من القواد فذبحوه ، وأخذوا ما كان معه من المال ، فإذا هو أربعون ألف دينار . 
وفيها تغلب رجل جمال يقال له : شركب    . على مدينة مرو  فانتهبها من كان معه من أتباعه ، وتفاقم أمره هناك . 
ولثلاث عشرة بقيت من ذي القعدة توجه موسى بن بغا الكبير  من سامرا  لحرب الخبيث ، وخرج الخليفة المعتمد  لتوديعه ، وخلع عليه عند مفارقته له . وخرج عبد الرحمن بن مفلح  إلى بلاد الأهواز  نائبا عليها ; وليكون عونا لموسى بن بغا  على حرب صاحب الزنج الخبيث ، لعنه الله ، فهزم عبد الرحمن بن مفلح  جيشا للخبيث ، وقتل من الزنج خلقا كثيرا ، وأسر طائفة كثيرة منهم ، وأرعبهم إرعابا بليغا بحيث لم يتجاسروا على موافقته مرة ثانية ، وقد حرضهم الخبيث كل التحريض فلم ينجع ذلك فيهم . 
 [ ص: 544 ] ثم تواقع عبد الرحمن بن مفلح ،  وعلي بن أبان المهلبي ،  وهو مقدم جيوش صاحب الزنج فجرت بينهما حروب يطول شرحها ، ثم كانت الدائرة على الزنج ، ولله الحمد والمنة ، فرجع علي بن أبان  إلى الخبيث مفلولا مقهورا مذموما مدحورا ، وبعث عبد الرحمن بن مفلح  بالأسارى إلى سامرا ،  فبادر إليهم العامة فقتلوا أكثرهم ، وسلبوهم . 
وفيها تدنى ملك الروم    - لعنه الله - إلى بلاد سميساط  ثم إلى ملطية  فقاتله أهلها فهزموه ، وقتلوا بطريق البطارقة الذي كان معه ، ورجع إلى بلاده خاسئا وهو حسير . 
وفيها دخل يعقوب بن الليث  إلى نيسابور  فظفر بالخارجي  الذي كان بهراة  ينتحل الخلافة منذ ثلاثين سنة ، فقتله ، وحمل رأسه على رمح ، وطيف به في الآفاق والأقاليم ، ومعه رقعة مكتوب فيها ذلك . 
وحج بالناس في هذه السنة إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس    . 
				
						
						
