[ ص: 44 ] وممن توفي فيها من الأعيان :
أحمد بن الحسن بن الفرج بن شقير أبو بكر النحوي
كان عالما بمذهب الكوفيين ، وله فيه تصانيف .
أحمد بن مهدي بن رستم
العابد الزاهد ، أنفق في طلب العلم ثلاثمائة ألف درهم ، ومكث أربعين سنة لا يأوي إلى فراش .
وقد روى بسنده عنه ، أنه جاءته امرأة ذات ليلة ، فقالت له : إني قد امتحنت بمحنة ، أكرهت على الزنى وأنا حبلى منه ، وقد تسترت بك وزعمت أنك زوجي ، وأن هذا الحمل منك ، فاسترني سترك الله ولا تفضحني . فسكت عنها ، فلما وضعت جاءني الحافظ أبو نعيم أهل المحلة وإمام مسجدهم يهنئونني بالولد ، فأظهرت البشر ، وبعثت فاشتريت بدينارين شيئا حلوا وجعلت أرسل إليها مع إمام المسجد كل شهر دينارين صفة نفقة الولد ، وأقول : أقرئها مني السلام ، فإنه قد سبق مني ما فرق بيني وبينها . فمكثت كذلك سنتين ، ثم مات المولود ، فجاءوني يعزونني فيه ، فأظهرت التغمم والحزن عليه ، ثم جاءتني المرأة بالدنانير التي كنت أرسل بها إليها قد جعلتها عندها ، فقالت لي : سترك الله وجزاك خيرا ، وهذه الدنانير التي كنت ترسل بها . فقلت : يا هذه ، إني إنما كنت [ ص: 45 ] أرسل بها صلة للولد ، فخذيها فافعلي بها ما شئت .
بدر بن الهيثم بن خلف بن خالد بن راشد بن الضحاك بن النعمان بن محرق بن النعمان بن المنذر ، أبو القاسم اللخمي القاضي الكوفي
نزل بغداد وحدث بها عن أبي كريب وغيره ، وكان سماعه للحديث بعد ما جاوز أربعين سنة ، وكان ثقة نبيلا ، عاش مائة سنة وسبع عشرة سنة ، وكانت وفاته في شوال من هذه السنة بالكوفة .
عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور بن شاهنشاه أبو القاسم البغوي
ويعرف بابن بنت أحمد بن منيع ، ولد سنة ثلاث عشرة - وقيل : أربع عشرة - ومائتين ، ورأى ، ولم يسمع منه ، وسمع من أبا عبيد القاسم بن سلام ، أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، ويحيى بن معين ، وعلي بن الجعد ، وخلق ، وكان معه جزء فيه سماعه من وخلف بن هشام البزار ابن معين ، فأخذه منه ، فرماه في موسى بن هارون الحافظ دجلة ، وقال : أتريد أن تجمع بين الثلاثة ؟! وقد تفرد عن سبع وثمانين شيخا ، وكان ثقة حافظا ضابطا ، روى عن الحفاظ ، وله مصنفات .
قال : كان موسى بن هارون الحافظ ابن منيع ثقة صدوقا ، فقيل له : إن [ ص: 46 ] هاهنا ناسا يتكلمون فيه ، فقال : يحسدونه ، ابن منيع لا يقول إلا الحق .
وقال ابن أبي حاتم وغيره : يدخل في الصحيح .
وقال : كان الدارقطني البغوي ، قلما يتكلم على الحديث ، فإذا تكلم كان كلامه كالمسمار في الساج . وقد ذكره في " كامله " فتكلم فيه ، وقال : حدث بأشياء أنكرت عليه ، وكان معه طرف من معرفة الحديث والتصانيف . وقد انتدب ابن عدي للرد على ابن الجوزي في هذا الكلام ، وذكر أنه توفي ليلة عيد الفطر منها ، وقد استكمل مائة سنة وثلاث سنين وشهورا ، وهو مع ذلك صحيح السمع والبصر والأسنان ، يطأ الإماء . وكانت وفاته ابن عدي ببغداد ، ودفن بمقبرة باب التبن ، رحمه الله وأكرم مثواه .
محمد بن أبي الحسين بن محمد بن عمار الشهيد الحافظ أبو الفضل الهروي
يعرف بابن أبي سعد ، قدم بغداد وحدث بها عن محمد بن عبد الله الأنصاري ، وحدث عنه ابن المظفر الحافظ ، وكان من الثقات الأثبات الحفاظ المتقنين ، له مناقشات على بضعة وثلاثين حديثا من " صحيح [ ص: 47 ] مسلم " ، قتلته القرامطة يوم التروية بمكة في هذه السنة في جملة من قتلوا ، رحمه الله وأكرم مثواه ، وجعل جنات الفردوس متقلبه ومثواه .
هو أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي الكعبي ، نسبة إلى الكعبي المتكلم بني كعب ، وهو أحد مشايخ المعتزلة ، وتنسب إليه الطائفة الكعبية منهم .
قال القاضي ابن خلكان : كان من كبار المتكلمين ، وله اختيارات في علم الكلام ; من ذلك أنه كان يزعم أن أفعال الله تعالى تقع بلا اختيار منه ولا مشيئة . هكذا أورده عنه ، وقد خالف الكعبي نص القرآن في غير ما موضع ; قال الله تعالى : وربك يخلق ما يشاء ويختار [ القصص : 68 ] وقال : ولو شاء ربك ما فعلوه [ الأنعام : 112 ] وقال : ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها [ السجدة : 13 ] وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا [ الإسراء : 16 ] إلى غير ذلك مما هو معلوم بالضرورة بصريح العقل والنقل .