[ ص: 199 ] ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة 
في ربيع الأول منها وقعت فتنة بين الشيعة وأهل السنة  ، ونهبت الكرخ    . وفي جمادى الآخرة تقلد القاضي أبو السائب عتبة بن عبيد الله الهمداني  قضاء القضاة . 
وفيها خرج رجل يقال له : عمران بن شاهين  كان قد استوجب بعض العقوبات ، فهرب من السلطان إلى ناحية البطائح  ، فكان يقتات مما يصيده من السمك والطيور ، والتف عليه خلق من الصيادين وقطاع الطريق ، فقويت شوكته ، واستعمله أبو القاسم بن البريدي  على جباية بعض تلك النواحي ، وأرسل إليه  معز الدولة بن بويه  جيشا مع وزيره أبي جعفر الصيمري  ، فهزم الوزير لكنه دهمه أمر ، اشتغل به عنه ، وذلك وفاة  عماد الدولة بن بويه . وهو أبو الحسن علي بن بويه  
أكبر أولاد بويه  ، وأول من تملك منهم ، وكان عاقلا حازما ، حميد السيرة ، رئيسا في نفسه ، كان أول ظهوره في سنة ثنتين وعشرين وثلاثمائة كما ذكرنا . 
 [ ص: 200 ] فلما كان في هذا العام قويت عليه الأسقام وتواترت لديه الآلام ، فأحس من نفسه بالهلاك ، ولم يعادل ما هو فيه من الملك وكثرة الأموال والرجال من الديالم والأتراك ، ولم يحصلوا له الفكاك ، ولم يكن له ولد ذكر ، فأرسل إلى أخيه ركن الدولة  يستدعي ولده عضد الدولة  ، ليجعله ولي عهده من بعده ، فلما قدم عليه فرح به فرحا شديدا ، وخرج بنفسه في جميع جيشه لتلقيه ، فلما دخل به دار المملكة أجلسه على السرير ، وقام بين يديه كأحد الأمراء ; ليرفع من شأنه عند أمرائه ووزرائه وأعوانه ، ثم عقد له البيعة على ما يملكه من البلدان والأموال وتدبير الملك والرجال ، وفهم من بعض رءوس الأمراء كراهية لذلك ، فشرع في القبض عليهم ، وقتل من شاء منهم وسجن آخرين ، حتى تمهدت الأمور لعضد الدولة  ، ثم كانت وفاة عماد الدولة  بشيراز  في هذه السنة عن سبع وخمسين سنة ، وكانت مدة ملكه ست عشرة سنة ، وكان من خيار الملوك في زمانه ، وممن حاز قصب السبق دون أقرانه ، وكان هو في الحقيقة أمير الأمراء ، وبذلك كان يكاتبه الخلفاء ، ولكن أخوه معز الدولة  كان ينوب عنه ببغداد  والعراق  والسواد    . 
ولما مات عماد الدولة  اشتغل الوزير أبو جعفر الصيمري  عن محاربة عمران بن شاهين  وقد كتب إليه معز الدولة  أن يسير إلى شيراز  ويضبط أمورها ، فقوي أمر عمران  بعد ضعفه ، وكان من أمره ما سيأتي بيانه في موضعه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					