[ ص: 115 ] قصة الإراشي 
 قال  يونس بن بكير  عن محمد بن إسحاق  حدثنا عبد الملك بن أبي سفيان الثقفي  قال : قدم رجل من إراش  بإبل له مكة ،  فابتاعها منه أبو جهل بن هشام  فمطله بأثمانها ، فأقبل الإراشي  حتى وقف على نادي قريش  ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في ناحية المسجد ، فقال : يا معشر قريش ،  من رجل يعديني على أبي الحكم بن هشام ;  فإني غريب وابن سبيل ، وقد غلبني على حقي ؟ فقال أهل المجلس : ترى ذلك الرجل ؟ وهم يهزؤون به ، إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; لما يعلمون ما بينه وبين أبي جهل  من العداوة : اذهب إليه ، فهو يؤديك عليه ، فأقبل الإراشي  حتى وقف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له ، فقام معه ، فلما رأوه قام معه ، قالوا لرجل ممن معهم : اتبعه فانظر ماذا يصنع ؟ فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جاءه ، فضرب عليه بابه ، فقال : من هذا ؟ قال : " محمد ،  فاخرج " . فخرج إليه ، وما في وجهه قطرة دم ، وقد انتقع لونه ، فقال : " أعط هذا الرجل حقه " . فقال : لا تبرح حتى أعطيه الذي له . قال : فدخل ، فخرج إليه بحقه فدفعه إليه ، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال   [ ص: 116 ] للإراشي    : " الحق بشأنك " . فأقبل الإراشي  حتى وقف على ذلك المجلس ، فقال : جزاه الله خيرا ; فقد أخذت الذي لي . وجاء الرجل الذي بعثوا معه ، فقالوا : ويحك ، ماذا رأيت ؟ قال : عجبا من العجب ، والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه ، فخرج وما معه روحه ، فقال : " أعط هذا الرجل حقه " . فقال : نعم ، لا تبرح حتى أخرج إليه حقه ، فدخل فأخرج إليه حقه فأعطاه . ثم لم يلبث أن جاء أبو جهل  فقالوا له : ويلك ما لك ؟ ! فوالله ما رأينا مثل ما صنعت ؟ فقال : ويحكم ، والله ما هو إلا أن ضرب علي بابي ، وسمعت صوته ، فملئت رعبا ، ثم خرجت إليه ، وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ، ما رأيت مثل هامته ، ولا قصرته ، ولا أنيابه لفحل قط ، فوالله لو أبيت لأكلني . 
				
						
						
