[ ص: 390 ] ثم دخلت سنة أربع وخمسين وخمسمائة  
فيها مرض الخليفة المقتفي  مرضا شديدا ، ثم عوفي منه فزينت له بغداد  أياما ، وتصدق بصدقات عظيمة كثيرة . وفيها استعاد عبد المؤمن  مدينة المهدية  من أيدي الفرنج  ، وقد كانوا أخذوها من المسلمين في سنة ثلاث وأربعين ، وقاتل خلقا كثيرا ببلاد المغرب حتى صارت عظام القتلى هناك كالتل العظيم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . 
وفي صفر سقط برد بالعراق  كبار ، زنة البردة قريب من خمسة أرطال  ، ومنها ما هو تسعة أرطال بالبغدادي ، فهلك بذلك شيء كثير من الغلات ، وخرج الخليفة إلى واسط  فاجتاز بسوقها ورأى جامعها ، وسقط عن فرسه فشج جبينه ، ثم عوفي . 
وفي ربيع الآخر زادت دجلة  زيادة عظيمة ، فغرقت بسبب ذلك محال كثيرة من بغداد  حتى صار أكثر الدور بها تلولا ، وغرقت تربة الإمام أحمد  ، وتخسفت هنالك القبور ، وطفت الموتى على وجه الماء ، قاله  ابن الجوزي    . 
وفي هذه السنة كثر المرض والموت ، وفيها أقبل ملك الروم  في جحافل قاصدا بلاد الشام  فرده الله خائبا خاسرا ; وذلك لضيق حالهم من الميرة ، وأسر   [ ص: 391 ] المسلمون ابن أخته ، ولله الحمد والمنة . وحج بالناس في هذه السنة قايماز الأرجواني    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					